للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التوبة، ما بقيت أعود. فقعدت وأنا مرعوب".

فقال الشيخ: "وهذا أيضًا حجة لي على صحة ما أقوله، فإن هذه شيطانةُ هذا الموضع، وهي التي تزينه للناس. وكذلك لما بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- بقطع (العُزَّى) فقال له: لما قطعتَ العزى أيّ شيءٍ رأيتَ خرج؟ فقال: خَرَجَتْ منها عجوز شمطاء هاربة نحو اليمن، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تلك شيطانة العُزَّى". وسمعت الشيخَ غير مرَّة يحكيها للناس" (١).

وقال الغياني أيضًا: "قد بلغ الشيخَ أن في المسجد الذي خلف (قبة اللحم) في (العلافين) وُيعْرف باسم (مسجد الكف) بلاطة سوداء، وقد شاع بين الناس أن إنسانًا من قديم الزمان رأى في منامه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدثه بأمور فقال: يا رسول الله، إن حدَّثتُ الناس بالذي حدثتني لا يصدِّقونني، فقال له: هذا كفِّي اليمينُ في هذه البلاطة دليلًا على صدقك. وحط كفه فيها، فغاص، فبقي فيها موضع كف وخمس أصابع، وانعكف الناسُ عليه -كما ذكر- بالنذر له، والتبرك به، والاستسقاء.

فبلغ ذلك الشيخ، فطلع إليها ومعه جماعته وأخوه الشيخ شرف الدين فسمعته غير مرة يحدِّث يقول: لما نظرت إليها قلت: هذا الكف منحوت، مصنوع، مكذوب. فإن النَّحَّات جاء يعمله كف يمين فعمله كف شمال. فبقي معكوسًا يجيء الخِنْصر موضع الإبهام، والإبهام موضع الخنصر، فكسرها، وما بقي لها ذكر ولا أثر، وللَّه الحمد" (٢).


(١) "الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون" ص (١٤١، ١٤٢)، والقصة المشار إليها رواها النسائي في "الكبرى" (١١٥٤٧)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": "رواه الطبراني، وفيه يحيى بن المنذر، وهو ضعيف". اهـ. (٦/ ١٧٦)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" إلى ابن مردويه (١٤/ ٣٠).
(٢) "نفس المصدر" ص (١٣٥).

<<  <   >  >>