للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنك تنبت في جسدك شامة" (١)، فَتَنْبُتُ ويراها، وغير ذلك، وكله من مكر الشيطان.

وهذا باب واسع، لو ذَكَرْتُ ما أَعرف منه؛ لاحتاج إلى مجلد كبير، وقد قال -تَعَالَى-: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: ١٥ - ١٦]، قال اللَّه -تبارك وتعالى-: {كَلَّا}، ولفظة (كلا) فيها زجر وتنبيه؛ زجرٌ عن مثل هذا القول، وتنبيه على ما يخبر به، ويأمر به بعده؛ وذلك أَنه ليس كل مَنْ حصل له نِعَمٌ دنيوية تُعَدُّ كرامة، يكون الله -عَزَّ وجَلَّ- مُكْرِمًا له بها، ولا كل من قَدَّر -أي: ضَيَّق- عليه ذلك يكون مُهِينًا له بذلك، بل هو -سبحانه- يَبْتَلِي عبده بالسَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ، فقد يعطي النعم الدنيوية لمن لا يحبه، ولا هو كريم عنده؛ ليستدرجه بذلك، وقد يحمي منها من يُحِبُّهُ وُيوَاليهِ، لئلا ينقص بذلك مرتبته عنده، أَو يقع بسببها فيما يكرهه منه.

وأَيضًا كرامات الأَولياءِ لابد أَن يكون سببها الإيمان والتقوى (٢)، فما كان سببه الكفر والفسوق والعصيان، فهو من خوارق أَعداء الله، لا من كرامات أَولياءِ اللَّه، فمن كانت خوارقه لا تحصل بالصلاة، والقراءَة، والذكر، وقيام الليل، والدعاء، وإِنما تحصل عند الشرك؛ مثل دعاءِ الميت، والغائب، أَو بالفسق، والعصيان، وأَكل المحرَّمات؛ كالحيات، والزنابير، والخنافس، والدم، وغيره من النجاسات، ومثل الغناءِ، والرقص، لاسيما مع النِّسوة الأجانب، والمردان، وحالة خوارقه تنقص عند سماع القرآن، وتقوى عند سماع مزامير الشيطان، فيرقص ليلًا طويلًا، فإذا جاءَت الصلاة صلَّى قاعدًا، أو ينقر الصلاة نقر الديك، وهو يُبغض سماع القرآن، وينفر عنه، ويتكلفه، ليس له


(١) وأمر هذه "الشامة" لا يُعرف له أصل في الأحاديث الصحيحة الواردة في حق المهدي، ومن الغريب أن "المهدي السوداني" عُني بأمر شامة كانت فيه، وكان يُعَوِّل عليها أحيانًا في إثبات مهديته.
(٢) وقد قيل: "الكرامة تَنتجُ عن استقامةٍ، أو تُنْتج استقامةً".

<<  <   >  >>