للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال له بعض الحاضرين يَوْمًا: "هذه الدراهم معروفة، ولكن أؤمن بك إذا أعطيتني درهمًا عليه اسمك واسم أبيك"، وما زال يُمَخْرِقُ إلى وقت صَلْبِهِ) (١).

ومن ذلك ما ذكره بعض أصحاب ابن الشَّبَّاس قال: (حضرنا يومًا عنده، فأخرج جَدْيًا مشويًّا، فأمرنا بأكله، وأن نكسر عظمه ولا نهشمها، فلما فرغنا، أمر بردها إلى التنور، وترك على التنور طبقًا، ثم رفعه بعد ساعة، فوجدنا جديًا حيًّا يرعى حشيشًا، ولم نَرَ للنار أثرًا، ولا للرمَّادِ ولا للعظام خبرًا، قال: فتلطفتُ حتى عرفتُ ذلك، وذلك أن التنور يفضي إلى سرداب، وبينهما طبق نحاس بلولب، فإذا أراد إزالة النار عنه: فركه، فينزل عليه، فيسده، وينفتح السرداب، فإذا أراد أن يظهر النار: أعاد الطبق إلى فم السرداب، فتراءى للناس.

قال ابن الجوزي -رحمه اللَّه- تَعَالَى:

(وقد رأينا في زماننا من يشير إلى الملائكة، ويقول: "هؤلاء ضيف مُكْرَمون"، يوهم أن الملائكة قد حضرت، ويقول لهم: "تقدموا إليَّ".

وأخذ رجل في زماننا إبريقًا جديدًا فترك فيه عَسَلًا، فتشرب في الخزف طعم العسل، واستصحب الإبريق في سفره، فكان إذا غرف به الماء من النهر، وسقى أصحابه، وجدوا طعم العسل، وما في هؤلاء من يعرف اللَّه، ولا يخاف في اللَّه لومة لائم، نعوذ باللَّه من الخِذلان) (٢).

* * *


(١) "تلبيس إبليس" ص (٥٣٩).
(٢) "نفسه" ص (٥٤١، ٥٤٢)، وانظر: "مجموع الفتاوى" (١١/ ٤٤٥، ٦١٠)، و"البداية والنهاية" (١٤/ ٣٦).

<<  <   >  >>