للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشبه ذلك: ما ادعاه الصيادي في قوله: ولما حج الرفاعي عام وفاته، وزار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ... ، أنشد قَائلًا:

إن قيل: زرتم بما رجعتم ... يا أشرفَ الرُّسْلِ ما نقول

فخرج صوت من القبر سمعه كل من حضر، وهو يقول:

قولوا رجعنا بكل خيرٍ ... واجتمع الفرعُ والأصول (١)

٢ - ثم تمادى الصوفية في التخبط، وساروا على نفس الدرب، ونسجوا على نفس المنوال، فأخذوا يختلقون القصص المشابهة: فذكروا أن إبراهيم الأعزب أنشد شعرًا عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بارك اللَّه بك، أنت منظور بعين الرضا" (٢).

وأن الشيخ عليًّا أبا الحسن الشاذلي استأذن في الدخول على رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة يقول: "يا علي! ادخل" (٣).

وأن عبد القادر الجزائري وقف تجاه القبر، وقال: "يا رسول الله! عبدك


= المتأخر، وقد ذكر تاج الدين السبكي في فضائله: "رأفته على الهرة والبعوضة والجرادة والكلب" كما في "طبقات الشافعية الكبرى" له (٦/ ٢٣)، ولم يتعرض لذكر الحادثة المزعومة، وترجم ابن خلكان للرفاعي -وهو قريب العهد به- ولم يذكر حادثة تقبيل اليد، وكذا فعل الحافظ ابن كثير والحافظ الذهبي، أضف إلى ذلك أنه لم يكن من هديه -صلى الله عليه وسلم- في حياته أن يمد يده كي بقبلها من يسلم عليه.
أما رسالة "الشرف المحتم فيما مَنَّ الله به على الرفاعي من تقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم" المنسوبة إلى السيوطي، فلا تصح نسبتها إليه، بل هي مقتبسة من كلام الصيادي في كتابيه "قلادة الجواهر"، و "ضوء الشمس"، وانظر بيان ذلك في "الرفاعية" للشيخ عبد الرحمن دمشقية ص (٤٩، ٥٠).
(١) "قلادة الجواهر" ص (١٠٤)، و"ضوء الشمس في قول النبي: بُني الإسلام على خمس" (١/ ١٧٦)، والعجيب أنه هنا يخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشعر، ويجيبه -صلى الله عليه وسلم-في زعمه- بالشعر، مع قوله الله تعالى في حقه -صلى الله عليه وسلم-: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: ٦٩].
(٢) "ترياق المحيين" لتقي الدين الواسطي ص (٦٩).
(٣) "أبو الحسن الشاذلي" للدكتور عبد الحليم محمود ص (٧٩).

<<  <   >  >>