للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيطان تمثل له، وأخبر قرينه بخبر كاذب، بل قد يتمثل الشيطان لعباد اللَّه الصالحين؛ كما حدث لعبد القادر الجيلاني، فقد رأى الشيطان في النوم، فقال له: "أنا ربك قد أبحت لك المحرمات"، فقال: "اخسأ يا لعين"، فقيل له: "بم عرفت أنه شيطان؟ " قال: "بقوله: أبحت لك المحرمات، وبقوله: أنا ربك، ولم يقل: أنا اللَّه" (١).

وقد روى سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب قال: "كان محمد -يعني ابن سيرين- إذا قصَّ عليه رجل أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (صِف لي الذي رأيتَه)، فإن وصف له صفة لا يعرفها، قال: لم تره" (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والضُّلَّال من أهل القبلة يرون من يعظمونه، إما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وإما غيره من الأنبياء يقظة، ويخاطبهم ويخاطبونه، وقد يستفتونه ويسألونه عن أحاديث، فيجيبهم"، ثم قال: "لكن كثيرًا من الناس يكذِّب بهذا، وكثيرًا منهم إذا صدَّق به يظن أنه من الآيات الإلهية، وأن الذي رأي ذلك رآه لصلاحه ودينه، ولم يعلم أنه من الشيطان، وأنه بحسب قلة علم الرجل يضله الشيطان، ومن كان أقل علمًا قال له ما يعلم أنه مخالف للشريعة. وهو -وإن ظن أنه قد استفاد شيئًا- فالذي خسره من دينه أكثر" (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه- أيضًا:

"والشياطين كثيرًا ما يتصورون بصورة الإنس في اليقظة والمنام، وقد تأتي لمن لا يعرف، فتقول: أنا الشيخ فلان أو العالِم فلان، وربما قالت: أنا أبو بكر وعمر، وربما أتى في اليقظة دون المنام وقال: أنا المسيح، أنا موسى، أنا


(١) "نفسه" (٥/ ٢٩٨).
(٢) قال الحافظ: "إسناده صحيح".اهـ. من "فتح الباري" (١٢/ ٣٨٣، ٣٨٤).
(٣) "مجموع الفتاوى" (٢٧/ ٣٩١، ٣٩٢)، و "الجواب الباهر" ص (٥٤، ٥٥).

<<  <   >  >>