للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصلُ الخَامِسُ ادِّعَاءُ لُقيَا الخَضِرِ (١) والتَّلَقِّي عَنهُ

وهذه الدعوى مبنية على زعم الصوفية أن الْخَضِرَ -عليه السلام- حيٌّ، ويَبْدُو أن أول من افتراها مُحَمَّد بن علي بن الحسن الترمذي المُسَمَّى بالحكيم؛ حيث قال في كتابه "ختم الوَلاية" في سياق جوابه عن علامات الأولياء:

"وللْخَضِرِ -عليه السلام- قصة عجيبة في شأنهم -أي الأولياء- وقد كان عَايَنَ شأنهم في البدء، ومن وقت المقادير، فأحب أن يدركهم، فأُعطِيَ الحياة حتى بلغ من شأنه أنه يُحْشَرُ مع هذه الأمة، وفي زمرتهم، حتى يكون تَبعًا لمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو رجل من قرن إبراهيم الخليل، وذي القرنين، وكان على مقدمة جنده؛ حيث طلب ذو القرنين عين الحياة (٢)، ففاتته، وأصابها الْخَضِرُ، في قصة طويلة".

وهذه آياتهم وعلاماتهم، فأوضح علاماتهم ما ينطقون به من العلم من أصوله.

قال له قائل: وما ذلك العلم؟

قال: علم البدء، وعلم الميثاق، وعلم المقادير، وعلم الحروف.

فهذه أصول الحكمة، وهي الحكمة العليا، وإنما يظهر هذا العلم عن كُبَرَاءِ


(١) الخَضِر: بفتح أوله وكسر ثانيه، أو الخِضْر: بكسر أوله وإسكان ثانيه، ثبتت بهما الرواية، وبإثبات الألف واللام فيه، وبحذفهما، وانظر: "تهذيب الأسماء واللغات" (١/ ١٧٦)، "فتح الباري" (١/ ١٥٤).
ولُقِّبَ به لأنه "جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء". انظر: "فتح الباري" (٦/ ٣٠٩)، والفروة: وجه الأرض، أو الحشيش الأبيض، والهشيم اليابس.
(٢) أي عين ماء الحياة؛ من شرب منها فلا يموت أبدًا في زعمهم.

<<  <   >  >>