للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا -رحمه الله-: "كُلُّ من ادعى أنه رأى الخَضِرَ، أو رأى من رأى الخَضِرَ، أو سمع شَخْصًا رأى الخَضِرَ، أو ظن الرائي أنه الخَضِرُ: فكل ذلك لا يجوز إلا على الجهلة الْمُخَرِّفِينَ الذين لا حظَّ لهم من علم، ولا عقل، ولا دين، بل هم من الذين لا يفقهون، ولا يعقلون" (١).

وقال -رحمه اللَّه-: "ومنهم من لا يَظُنُّ أولئك الأشخاص إلا آدميين أو ملائكة؛ فإن كانوا غير معروفين، قال: هؤلاء رجال الغيب، وإن تَسَمَّوْا فقالوا: هذا هو الخَضِرُ، وهذا هو إلياس، وهذا هو أبو بكر وعمر، وهذا هو الشيخ عبد القادر، أو الشيخ عَدِىٌّ، أو الشيخ أحمد الرفاعي، أو غير ذلك، ظن أن الأمر كذلك.

فهنا لم يغلط، لكن غلط عقله؛ حيث لم يعرف أن هذه شياطين تمثلت على صور هؤلاء، وكثير من هؤلاء يظن أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفسه، أو غيره من الأنبياء أو الصالحين يأتيه في اليقظة ... والذي له عقل وعلم يعلم أن هذا ليس هو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ تارة لِمَا يَرَاهُ منهم من مخالفة الشرع؛ مثل أن يأمروه بما يخالف أمر اللَّه ورسوله، وتارة يعلم أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما كان يأتي أحدًا من أصحابه بعد موته في اليقظة، ولا كان يخاطبهم من قبره، فكيف يكون هذا لي؟ " (٢).

وقال -أيضًا - رحمه اللَّه-: "فمن هؤلاء من يسمع خطابًا، أو يرى من يأمره بقضية، ويكون ذلك الخطاب من الشيطان، ويكون ذلك الذي يخاطبه الشيطان، وهو يحسب أنه من أولياء اللَّه، من رجال الغيب، ورجال الغيب هم الجن، وهو يحسب أنه إنسي، وقد يقول له: أنا الخَضِرُ، أو إلياس، بل أنا محمد، أو إبراهيم الخليل، أو المسيح، أو أبو بكر، أو عمر، أو أنا الشيخ


(١) "نفسه" (٢٧/ ٤٥٨).
(٢) "نفسه" (١٣/ ٧٧، ٧٨).

<<  <   >  >>