للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكاية الروايات الواهية، والموضوعة، والمشكوك فيها .. أن فلانًا رأى، وفلانًا رأى .. ورأى رجل صالح فيما يرى النائم .. ورأت امرأة صالحة.

وما يدرينا نحن عن صلاحها؟ وقد يكون الإنسان ظاهرُهُ الصلاح، لكن فيه "غفلة الصالحين"، فيحدِّث بكل ما يسمع.

وفي "مقدمة صحيح مسلم" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّث بِكُلِّ مَا سَمِعَ" (١).

إن مما يؤخذ على بعض الدُّعَاة والمصلحين حَشْدَهِمْ لهذه الأقاصيص، وهذه الرؤى، والأحلام، وتوثيقهم لها، بدون تثبت، وعدم تقدير نوعية المخاطَبين، ومستوى عقولهم.

وخلاصة الأمر: ألَّا يستكثر الواعظ من سرد الرؤى، بل يجعلها كالمِلح، إن زاد ضَرَّ، وإن نقص ضر، على أن يكون وفق الضوابط التالية:

- لا يترتب عَلَيْهَا حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ وَلَا تَشْرِيعٌ.

- لَا تَكُونُ مُشْتَمِلَةً علَى تَهْوِيلٍ أوْ مُبَالَغَةٍ يَأبَاهَا العَقْلُ السَّلِيمُ، فَإِنَّ العُلَمَاءَ عَدُّوا المُبَالَغَةَ في الحَدِيثِ مِنَ الأَدِلَّةِ عَلَى وَضْعِهِ .. فَمَا بَالُكَ بِالرُّؤيَا؟

- أَلَّا يُرْبَط إِيَمانُ النَّاسِ بِهَا، بَلْ يُوَجَّهُونَ إلى الكِتَابِ والسُّنَّةِ، ويُرَبَّوْنَ على تَعْظِيمِهِمَا، والرُّؤَيَا لَا تَعْدُو أنْ تكُونَ مُبَشِّرَةً أو مُحَذِّرَةً.

- أَلَّا يَتَسَرَّعَ في التَّوْثيقِ في أُمُورٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ، وَلَا يُبَالِغَ في حُسْنِ الظَّنِّ بِمُحَدِّثيهِ.

ْعلى أن يُشْرَحَ للناس الموقف الشرعي الصحيح من الرؤيا، وأنواع ما يراه الإنسان في المنام، وآداب الرؤيا .. إلخ). اهـ (٢)


(١) "صحيح مسلم بشرح النووي" (١/ ٧٢).
(٢) "قضايا في المنهج" للشيخ سلمان العودة (ص ١٩ - ٢٣) بتصرف.

<<  <   >  >>