للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحياء بفضائل الإحياء"، ورفعها كعصا يهدد بها كل من ينكر -على أبي حامد الغزالي، وعلى "إحيائه حيث قال:

"وذكر اليافعي أن أبا الحسن بن حرزهم الفقيه المشهور المغربي -كان بالغَ في الإنكار على كتاب (إحياء علوم الدين) - وكان مُطَاعًا مسموع الكلمة، فأمر بجمع ما ظفر به من نسخ (الإحياء)، وهَمَّ بإحراقها في الجامع يوم الجمعة، فرأى ليلة تلك الجمعة كأنه دخل الجامع، فإذا هو بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، ومعه أبو بكر وعمر -رضي اللَّه عنهما- والإمام الغزالي قائم بين يدي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما أقبل ابن حرزهم قال الغزالي: (هذا خصمي يا رسول اللَّه، فإن كان الأمر كما زعم تُبْتُ إلى اللَّه، وإن كان شيئًا حصل من بركتك، واتباع سنتك، فخذ لي من خصمي)، ثم ناول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتاب "الإحياء"، فتصفحه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورقة ورقة، من أوله إلى آخره، ثم قال: (واللَّه إن هذا لشيء حسن).

ثم ناوله الصِّدِّيق -رضي الله عنه-، فنظر فيه، فاستجاده، ثم قال: (نعم، والذي بعثك بالحق إنه لشيء حسن)، ثم ناوله الفاروق عمر -رضي اللَّه عنه-، فنظر فيه، وأثنى عليه، كما قال الصِّدِّيق، فأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بتجريد الفقيه علي بن حرزهم عن القميص، وأن يُضْرَبَ ويُحَدَّ حدَّ المفتري، فجُرِّد وضُرِبَ، فلما ضُرِبَ خمسة أسواط تَشَفَّعَ فيه الصدِّيقُ -رضي اللَّه عنه-، وقال: (يا رسول اللَّه، لعله ظن فيه خلاف سنتك، فأخطأ في ظنه)، فَرَضِيَ الإمام الغزالي، وقبل شفاعة الصِّدِّيق، ثم استيقظ ابن حرزهم، وأثَرُ السياط في ظهره، وأعلم أصحابَهُ، وتاب إلى اللَّه عن إنكاره على الإمام الغزالي واستغفر، ولكنه بقي مدة طويلة متألمًا من أثر السياط" (١).

وهذا الحُلْم مما يُقطع ببطلاْنه، وكذبه؛ وذلك لما تضمنه "الإحياء" من


(١) "تعريف الأحياء بفضائل الإحياء" ملحق بآخر "الإحياء"، وانظر: "طبقات الشافعية" للسبكي (٤/ ١٣١، ١٣٢).

<<  <   >  >>