للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شأني؟! فقال: ألست الذي تُقَبِّل وأنت صائم؟! قلت: فوالذي بعثك بالحق، لا أُقَبِّل بعدها وأنا صائم.

قال أبو محمد: الشرائع لا تؤخذ بالمنامات، لا سيما وقد أفتى رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- عمر في اليقظة حيًّا بإباحة القبلة للصائم (١)، فمن الباطل أن ينسخ ذلك في المنام ميتًا! نعوذ باللَّه من هذا.

ويكفي من هذا كله أن عمر بن حمزة لا شيء). اهـ (٢).

- وقال الإمام النووي -رحمه اللَّه-: "إن الرائي وإن كانت رؤياه حقًّا، ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي بما جاء فيها، لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي، وقد اتفقوا على أن من شروط مَن تُقبل روايته وشهادته: أن يكون متيقظًا لا مغفلًا ولا كثير الخطأ، ولا مختلَّ الضبط، والنائم ليس بهذه الصفة" (٣). اهـ.

- وقال ابن الحاج -رحمه اللَّه-: (إن الله لم يكلف عباده بشيء مما يقع لهم في منامهم لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة ... " عَدَّ منهم: "النائم حتى يستيقظ"، لأنه إذا كان نائمًا فليس من أهل التكليف، فلا يعمل بشيء يراه في نومه) (٤) اهـ.

- وقال الامام القرافي -رحمه اللَّه-: "فلو رآه عليه السلام، فقال له: إن امرأتك طالق ثلاثًا، وهو يجزم بأنه لم يطلقها؛ فهل تحرم عليه لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقول إلا حقًّا؟ وقع فيه البحث مع الفقهاء، واضطربت


(١) يشير إلى ما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: هَشِشْتُ فقبلتُ وأنا صائم، فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرًا عظيمًا، قبلت وأنا صائم، قال: "أرأيت لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم؟ "، قُلْتُ: لا بأس به، قال: "فمَهْ؟! " أخرجه أبو داود (٢٣٨٥)، وغيره، وصححه الألباني -رحمه الله-.
(٢) "المحلى" (٦/ ٢٠٨، ٢٠٩).
(٣) نقله عنه د. محمد الأشقر في "أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -" (٢/ ١٦٢).
(٤) "نفسه".

<<  <   >  >>