للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه لما كانت الهدايا تزرع الحب (١) وتضعفه وتولد الولاء [ق ٣ /أ] وتُسعّفُه أحببت أن اذكر في كتابي هذا عن الأئمة السالفين وما نقلوا من الأخبار والآثار في ذم الغناء والرقص وصحبة أحداث المرد والنساء والإنكار على فاعليه؛ لينتفعوا به ويقصروا عن غيهم في الغناء واللعب موعظة ونصيحة وهدية مني إليهم من غَرَّ بهم ولم أجد هدية أنفس من الذكرى التي تنفع المؤمنين، والنصيحة التي قال رسول الله عليه السلام أنها الدين ألا وها أنا آتيكم بالهدايا السنية فاقبلوها ولا تردوها وقربوها ولا تبعدوها.

وأقول:

الناس يهدون على قدرهم ... وإنما أهدي على قدري (٢)

يهدون ما يفنى وأهدي الذي ... بقى مد الأيام من صدري

وقد سألت الله مستنصرا ... فإنه القادر في نصري

وها أنا أشرع فيما أرى ... مستعصما بالله في أمري

ومما حَذاني- أي: ساقني - على ذلك أيضا إحياء الشريعة وإظهار كلمة الحق واقتفاء آثار رسول الله عليه السلام ومن سلف بعده من الأئمة لئلا يعدل بهم إلى مهوى وبدعة؛ لأن هذه الطائفة الضالة غلت في حب الرقص واستماع الغناء وصحبة أحداث المرد والنساء حتى اعتقدوا ذلك ديانًة وأن الرحمة تنزل عليهم عند اللعب، والملائكة تحفّ بهم حال الطرب، وكل هذا من المحدثات ومن البدع والضلالة، ومن الأمور العظام، المنكرات التي يجب على فاعلها التوبة إلى الله عز وجل،


(١) يشير إلى ما رواه البخاري في "الأدب المفرد" (١/ ٢٠٨) (٥٩٤)، وأبو يعلى في "مسنده" (١١/ ٩) (٦١٤٨)، والدولابي في "الكنى" (٢/ ٤٦٦) (٨٤٢) ن تمام في "فوائده" (٢/ ٢٢٠) (١٥٧٧)، والبيهقي في "الكبرى" (٦/ ٢٨٠)، وغيرهم من طريق ضمام بن إسماعيل، عن موسى بن وردان المصري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تهادوا تحابوا» وإسناده محتمل للتحسين وخاصة وأن له شواهد تقوى معناه.
(٢) وهذا ثناء منه - رحمه الله - على نفسه ..

<<  <   >  >>