للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن بدعة ظهرت وشاعت ... لأرباب الجهالة والفضول

فإن لم تسمعوا منّيّ مقالي [ق ١١٣ / ب] ... فإنّ الله فوقكم وكيلي (١)

فصل

وقد استدلّ كثير من شيوخهم أيضًا على إباحة الرقص واستماع الأغاني بالطفل الصغير وبالجمل، فقالوا إن الجمل يقاسي تعب السير ومشقة الحمولة إذا سمع الحداة يصغي لذلك عنقه ويقوي على حملِه، وكذلك نحن نسمع الغناء والشبابة والرقص حتى نقوّي على طاعة الله تعالى وعبادته. وقال بعض العلماء: فلان كان كلّما أطرب البهائم مندوبًا إليه أو مباحًا فإنّا نرى البهائم تنزوا على امتهانها، فليقتدوا بالبهائم في هذا. قلت: وفيهم من فعل ذلك أذكره فيما بعده إن شاء الله تعالى، وقد روي أن بعض ملوك المجوس غلب على نواحي البصرة، فكان يعطي المجوس ضعف ما يعطي المسلم، فجاء أعرابيّ يقود حمارًا له، فأعطاه جائزته (٢)، فقال: أيّها الأمير اضعف العطاء لحماري، قال: ولِمَ؟ فقال: لأني رأيته آنفًا ينزوا على أمه، وقال ذلك لأنّ المجوس يقولون بنكاح الأمّهات فكأنّه قال: اضعف العطاء لحماري فإنه على مذهبكم وقد صحّ أن في هذه الطائفة من يقولون بنكاح الأمّهات والبنات والإخوان والدّليل على صحة ذلك أنّ هذا من سنن [ق ١١٤ /أ] من كان قبلنا من المجوس وغيرهم، وقد صحّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من يأتي أمّه علانية لكان في أمّتي من يفعل ذلك" (٣)، وقال: "إنّكم لتركبنّ سنن من كان قبلكم" - وفي لفظ: "حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدَخلتم، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ " (٤)


(١) بالأصل: "وليكي".
(٢) في الحاشية: "أي وظيفته".
(٣) حسن لغيره - أخرجه الترمذي في "سننه" ٥/ ٢٦) (٢٦٤١)، وابن الوضاح في "البدع" (٢/ ١٦٧) (٢٥٠)، والطبراني في "الكبير" (١٣/ ٣٠) (٦٢)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢١٨) (٤٤٤)، وغيرهم، من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم , عن عبد الله بن يزيد المغفري , عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مطولا به، وإسناده ضعيف لضعف ابن زياد، وهو الأفريقي، والحديث له طرق وشواهد يتقوى بها وسيأتي بعضها.
(٤) حسن - أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (ص/٣٦) (٧٣)، والمروزي في "السنة" (ص/١٩) (٤٨)، والكلاباذي في "معاني الأخبار" (ص/١٤٧) من طريق أبي حازم عن عمرو بن شعيب عن أبي عن جده مطولا به، وإسناده حسن ..

<<  <   >  >>