للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

ومنهم من يقول أنه مباح وينقلون عن مشايخ السلف كالجنيد وذي النون المصري وبندار بن الحسين (١) وغيرهم في ذلك أقوالاً وأفعالاً لم يُبحث أنّها صحيحة أم لا، فإنّها لو صحّت ما كانت حجة إذا الحجة قول الله عز وجل وقول رسوله عليه السلام وفعله وإقراره أو ما أستند إلى ذلك. والصحابة رضوان الله عليهم مع أخبار الله عز وجل بالرضاء عنهم وثناء رسول الله عليه السلام، فالمشهور عند جماعة من العلماء أن قول بعضهم وفعله ليس [ق ٦١ / ب] بحجة، فكيف بمن بعدهم. ولا يليق بمسلم يعدّ نفسه من المتدينين والفقراء المشهورين أن يمهّد لنفسه الخبيثة وطبعه الرديء عذرًا، ويقيم لهما حجة بأن ينسب إلى من اشتهر من شيوخ السلف ما يوجب إساءة الظنّ بهم من فعل السماع الرديء، والكتاب والسنّة وأقاويل الصحابة والتابعين وإجماع العلماء على تحريمه وصرّح بذمه شيوخ السلف. قال أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (٢) رحمه الله: "اعلم أنّ سماع الغناء يجمع شيئين: أحدهما أنه يلهي القلب عن التفكر في عظمة الله تعالى والقيام بخدمته. والثاني أنه يميله إلى اللّذات العاجلة ويدعوه إلى استيفائها من جميع الشهوات الحسية ومعظمها الزنا، وليس تمام لذّته إلا في المتجددات ولا سبيل إلى كثرة المتجددات من الحلّ، فلذلك يحث على الزنا، فبين الغناء والزنا تناسب من جهة أن الغناء لذّة الروح والزّنا أكبر لذات النفس، ولهذا جاء في الحديث" "الغناء [رقية الزنا" (٣)].


(١) هو بندار بن الحسين الشيرازي القدوة, شيخ الصوفية, أبو الحسين, نزيل أرجان. صحب الشبلي، وحدث عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي بحديث واحد. وكان ذا أموال فأنفقها وتزهد، وله معرفة بالكلام والنظر. قيل: توفي بندار سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة.، وله ترجمة في "طبقات الصوفية" (١/ ٣٤٩) (٩٠)، "السير" (١٢/ ١٩٣) (٣٢٧٣)، "طبقات الأولياء" (ص/١٢٠)، "الطبقات الكبرى" للشعراني (١/ ١٠٣)، وغيرها.
(٢) تلبيس إبليس (ص/١٩٨).
(٣) أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ص/٥٥) (٥٥) من كلام الفضيل بن عياض، وقال على القاري في "الموضوعات الصغرى" (ص: ١٢٦): (من كلام الفضيل).

<<  <   >  >>