للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا فإني لما رأيت ما ظهر [ق ٤٢ / أ] في بلاد الإسلام وشاع من نُوَيْسٍ (١) ينزوا بالمشايخ والفقراء من إكثار اللعب بالقضيب والرقص وصحبته إحداثِ المرد والجهّال غير متنزهين منه ولا منزّهين بقعة، ولا متحاشين من فعل ذلك مع ما أجمع أئمة الإسلام من العلماء والعبّاد على تجنّب ذلك، والإنكار على أهله وتفسيق فاعله إذا رآه حرامًا وتكفيره إذا رآه حلالاً على الوجه الذي هو المشهور بين هذه الطائفة من أبناء زماننا، ولم يخل في كلّ عصر من إمام عالم وشيخ صالح ينكر ذلك ويكرهه ويحذّر الجهّال والصبيان من أن يقعوا في فخوخ الملحدين وفي شباك معاندي الدّين فصنّفت في تحريم ذلك هذا الكتاب وفي بيان ضلال هذه الطائفة الخبيثة مختصرًا اقتداء بأئمة الإسلام من العلماء والعبّاد لعل الله عز وجل أن يحشرنا وإيّاكم في زمرتهم إنه تعالى بنا وبكم خبير، وهو على كل شيء قدير.

[فصل في تحريم السماع بالكتاب والسنة والإجماع]

ألا فاستمعوا الآن ما أذكره من النصوص والبراهين من قول الله عز وجل ومن قول رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أقوال الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم [ق ٤٢ /ب] أجمعين ومن أقوال الأئمة الأربعة المقتدين بهم رضوان الله تعالى عليهم في الردّ على هذه الطائفة أصلحها الله. فأما الردّ عليها من قول الله تعالى فآيات كثيرة: فمنها قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٣، ١٠٤]؛ لأنه تعالى نبّه على أسباب المهالك والخسران ومع مطلقة، فتجري عليهم بإطلاقها قاله أبو الليث الفقيه السمرقندي (٢) رحمه الله.

ومنها قوله عز وجل: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ} [القصص: ٥٥] أراد باللغو الغناء قاله الضحاك وعكرمة وقال عطاء: أراد كلما يُلهي.


(١) تصغير لكلمة: "الناس".
(٢) هو: نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي، أبو الليث، من أئمة الحنفية، من الزهاد المتصوفين، توفي عام ٣٧٣ هـ، له تصانيف نفيسة، منها: تفسير القرآن، عمدة العقائد، بستان العارفين، خزانة الفقه، تنبيه الغافلين، شرح الجامع الصغير، النوازل من الفتاوى. انظر ترجمته في: الفوائد البهية (ص/٢٢٠)، الجواهر المضية (٢/ ١٩٦)، الأعلام للزركلي (٨/ ٢٧)، وغيرها.

<<  <   >  >>