للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر أخلاق نبينا عليه السلام]

كان نبيّنا عليه السلام أشع الناس وأنجد الناس وأجود الناس، قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "كنا إذا احمرّ البأس ولقي الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتّقينا برسول الله عليه السلام" (١)، وكان صلى الله عليه وسلم أسخى الناس ما سُئل شيئاً قطّ فقال: لا، وكان عليه السلام أحلم الناس، وكان أشد حياء من العذارى في خدورهن لا يثبت بصره في وجه أحدٍ (٢)، وكان عليه السلام لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلا أن تنتهك محارم الله عز وجل، فيكون له منتقم، وكان عليه السلام إذا غضب في الله لم يقم لغضبه أحدًا، القريب والبعيد والقويّ والضعيف والدنيّ والشريف عنده في الحقّ سواء وما عاب طعامًا قطّ إن اشتهاه أكله وإلاّ تركه، وكان عليه السلام لا يأكل متكئًا ولا على خوان (٣) ولا يمتنع من مباح (٤)


(١) صحيح - أخرجه النسائي في "الكبرى" (٨/ ٣٤) (٨٥٨٥)، وابن الجعد في "مسنده" (ص/٣٧٢) (٢٥٦١)، وأحمد في "مسنده" (٢/ ٣٠٧) (١٠٤٢)، والحارث في "مسنده" (٢/ ٨٧٤) (٩٣٨)، والبزار في "مسنده" (٢/ ٢٩٩) (٧٢٣)، وأبو يعلى في "مسنده" (١/ ٢٥٨) (٣٠٢)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٥٥) (٢٦٣٣) كلهم من طريق زهير بن معاوية، والحارث، وإسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي مطولا بنحوه، وأبو إسحاق هو السبيعي اختلط وسماع ثلاثتهم منه بعد الاختلاط إلا أن رواية ابن ابنه إسرائيل عنه في الصحيحين، وللحديث شاهد من حديث البراء في "صحيح مسلم (٣/ ١٤٠١) (١٧٧٦) مطولا بنحوه.
(٢) ذكره القاضي عياض في "الشفاء" (١/ ١١٩) بدون إسناد فقال: "وروي عنه أنه كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد"، ولم أقف عليه مسندا.
(٣) بكسر أوله وضمه وتخفيف الواو هو المائدة المعدة للأكل، وتكون من خشب وتكون تحته قوائم من كل جانب والأكل عليه من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى التطأطؤ والانحناء.
(٤) ذكره الطبري في "خلاصة سيرة سيد البشر" (ص/٩٥)، وليس مقصوده العموم الذي في العبارة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك أكل الضب، وترك التجفف من الماء بعد الاغتسال، ومقصود عبارته ما ذكره عقبه من قوله: " إن وجد تمرًا أكله، وإن وجد خبزًا أكله ... " ..

<<  <   >  >>