للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانظروا يا ذوي العقول والأبصار، وتدبّروا حال هؤلاء القوم كيف قادهم ركوب الهوى وعشق الباطل وقلّة الحيلة إلى هذه السخافة وحسبك في مذهبهم أن يكون [ق ١١٦ /أ] إمامهم الأنعام والأطفال في المهود، وهكذا يفضح الله عزّ وجلّ من عاند الحق واتبع الباطل، وحسبك من عقول لا تقتدي بالأنبياء ولا بالرّسل ولا بأصحابهم ولا بخيار المسلمين من أئمتهم وعلمائهم المتّبعين للقرآن والأحاديث ويقتدي بالإبل والطفل الصغير بئس مذهب القوم ومذهب أوّليهم في نقل هذه الأدلّة وما تتضمّن من الخزي والنكال ما نستغني به عن الردّ عليهم وكفى بقوم خزيا ونكالاً وعمي وضلالاً أنهم استدلّوا بذلك على إباحة الرقص واستماع الغناء وتركوا ما يقال لهم من قول الله عزّ جلّ ومن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أقوال الصّحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين وعلمائهم رضي الله عنهم أجمعين

ولو أن هؤلاء القوم كانوا متبعين للحقّ وناصحين للخلق ويدعونهم إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لنفوهم من بلد إلى بلد وطردوهم وهجروهم وضربوهم وبغضوهم وكثر أعدائهم ولا يحبّونهم ولا يتّبعونهم لما عليه أهل هذا [ق ١١٦ / ب] الزّمان من خلافهم لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولخلاف ما في الكتاب والسّنة ولخلافهم لإجماع المسلمين وعلمائهم، وكيف يزعم عاقل يؤمن بالله وبرسوله أنّ هؤلاء القوم من أهل الدّين والصلاح مع مخالفتهم للكتاب والسنة ولمذهب أصحاب الحديث نعوذ بالله من ضلالتهم ومن سوء مذاهبهم ومن قبح أفعالهم، فليحذر امرئ أن يكون لهم أو معهم أو خدنًا لهم، فإنّه قد رُويَتْ فيهم أخبار وآثار وتكلّم العلماء فيهم بما قدر رأيناه وشاهدناه، فالله الله يا معشر المسلمين راقبوا الله عزّ وجل ّفي أنفسكم وبالغوا في النّصيحة والإشفاق عليها واحذروا مجالس مَنْ يلبس عليكم دينكم ويشكككم في ربّكم عزّ وجلّ وهم يتشبّهون بالعلماء وبالعبّاد، وقد اختلفت بهم الأهواء وسيرتهم المذاهب القبيحة والآراء غير الصحيحة، وأخذَت بهم الطرق الخبيثة إلى المهالك، فراغوا من سواء السبيل إلى حدود الضلال، فصاروا زائغين حلوليين وهم من شرار عباد الله ويتشبّهون بالصوفيّة ويظهرون الزهد والتقشف ويدّعون [ق ١١٧ /أ] الشوق والمحبّة بإسقاط الخوف والرّجاء ويزعمون أنّ الله تعالى عزّ وجلّ معنا وحالٍ فينا ومباشر بذاته لنا مبتدعة ضلال يحضرون مجالس التغبير ويرقصون ويتلذّذون

<<  <   >  >>