للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالنظر إلى من حرّم الله عليهم واستماع ما لا يجوز استماعه، فيطربون ويصفقون ويتغاشون ويتماوتون وأكثرهم قد افتتن بالقتل والولوع بالكبائر

ويزعمون أنّ ذلك من حبّهم لربّهم وشدّة (١) شوقهم إليه، وإن قلوبهم تشاهده ببصائرها وتراه بتخييلها افتراءً على الله عز وجل ومخالفة لكتابه وسنة نبيّه، و [ما] كان عليه السّلف الأوّل والصالحون من العبّاد، وليس لهم حجّة فيما يدّعون ولا إمام من العلماء فيما يفعلون. يسمعون كتاب الله تعالى من الشيوخ وأهل الديانة ويسمعون أخبار رسول الله عليه السلام وكلام الحكماء، فلا تبهش لذلك نفوسهم (٢)، ولا يظهر منهم بعض ما يظهرون عند استماع الغناء والقصائد والرباعيات ومجالس الأحداث وما قد جعلوه دينًا ومذهبًا وشريعة متبعة، فنعوذ بالله من وحشة من يظهرون وقبح ما يخفون. اعلموا يا إخواني وفقنا الله وإيّاكم للإتباع أنّ الرقص والاستماع [ق ١١٧ / ب] إلى الغناء لهو ولعب من شعائر الصغار لا يشاركهم أحد من الكبار سوى طائفة سفل من الأغمار فتبًّا لقوم اتّبعوا الصغار اللاتي هنّ من الجوار، ولم يتّبعوا نبيّهم وصاحبه في الغار حين أنكر عليهنّ ما يعلمه من النبي المختار، وإنّ ذلك مسمّى بالمزمار، ويدعوا إليه قوم من الجهلة الفجّار الذي من فعل ذلك منهم فهو في عقله كالحمار حين شبع من الشعير، وروي من ماء الأنهار، فانظروا يا أولي العقول والأبصار إلى مذهب هؤلاء الجهلة أخذوا عن الأشرار وتركوا مذاهب الرّجال الذين عندهم صحيح الفكر والأذكار، ومن ترك آثارهم فقد ترك الصحيح من الآثار ودعي حقيقًا من شرار الأنفار ومزقت عنه رداء الوقار وتقرّب إلى الصغار والاحتقار وتباعد عن طريق الرجال الذين صدقوا الله ما عاهدوه وأظهروا إلى مُغنيهم الفاقة والافتقار، ونظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها بعين الاعتبار، وعملوا بصالح الأعمال على موافقة الكتاب والسنة بالتفقه والاختبار ويرث برقصه وما سمع صوت المزمار، واتخذ ذلك دينًا ومعتقدًا وأذهب فيه عمره في مجالسة السّمار، ثم دهمه الموت على غير توبة عندما انقضى أجل الأعمار قد على في بدعته الصوى (٣)


(١) بالحاشية: أي حرص.
(٢) أي لا تبين فيه إرادة له.
(٣) الأعلام من الحجارة. انظر مختار الصحاح مادة (ص و ى) ..

<<  <   >  >>