للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمنار غدًا يجاز عذابًا أليمًا في النار عشيّة ربّنا القادر الجبّار سواء عليه [ق ١١٨ /أ] معذّبًا أجزَع أم كان من أهل الاصطبار وبك أستعين عليهم بأحسن الجواب ومَن ضوّأ قلوب أولياء بمصابيح الأنوار، فإن نصرتني عليهم فأنا المنصور في الإيراد والإصدار (١) كما قلت {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧] وأنت صادق القول يا ذا العزة والاقتدار، فإنهم على الخلاف في سائر الخلق بالأطوار وجميع ما هم فيه يؤول إلى البوار إن أقاموا عليه من غير توبة إلى ريب المنون الاستمرار وماتوا ولم يتوبوا أحلّهم جهنّم وبئس القرار، وهذا منتهى قولي في النصيحة لي وللمسلمين والانتصار بما جمعتُه من الصحيح على سبيل الاختصار، وأقول:

على ما هم عليه الفقراء ... قد منعوا أجفانهم طيب الكرا

قد منعوها الكرا عبادة ... وفي فنائه الدنيا أطالوا الفكرا

الفقراء قد جعلوا دنياهم ليلاً ... ويوم الحشر صبحًا مسفرًا

قد قطعوا الليل على أقدامهم ... حتى قضوا ممّن أحبوا الوطرا

فأصبحوا مستبشرين باللقاء ... عند الصباح يحمد القوم السّرا

كأنّما الدّنيا كسوق قائم ... هذا له الربح، وهذا خسرا

الفقراء كنتُ إذا رأيتهم ... والله ما أشبع منهم نظرًا

واليوم إن أبصرتُ منهم فرقةً ... فر منهم راجعًا إلى ورا

من دينهم أكل وشرب وغنا ... بالملاهي (٢) وقصهم (٣) مشتهرًا

وكما (٤) جاعوا وزاد جوعهم ... تجمعوا ويعملون فاجرا (٥)

إن غلبوا شخصًا على ثيابه ... قهرًا [ق ١١٨ / ب] باعوا بما يُشترى

وأكلهم حشيشة تسكرهم ... وكشفهم عوراتهم لمن يرى

ويخرجون شيخهم بحيلة على ... كسرات تنال بالقرى

الفقرا ما (٦) هذه أوصافهم ... من اقتدى بفعل ذو الكفرا (٧)

فلا تكن مقتديًا بفعلهم كلاًّ ولا ... تقرّب منهم فقرا

وكن عليهم منكرًا ... في النكرا

الفقراء اشتغلوا بدينهم ... عن الكلام والجدال والمرا

قلوبهم مشغولة بحبّهم ... والناس في شغل ببيع وشرا


(١) وفي الحاشية: أي رجوع.
(٢) كذا بالأصل، ولعلها "وبالملاهي"؛ للوزن.
(٣) كذا بالأصل، ولعلها "رقصهم"؛ للمعنى.
(٤) كذا بالأصل والأولى: "وكلما".
(٥) كذا بالأصل والأولى: "فجرا" بضم الفاء وتسكين الجيم لاستقامة الوزن.
(٦) كذا بالأصل ونرى أنها زائدة.
(٧) كذا بالأصل والصواب أن يقول: (بفعل ذوي البلى كفرا).

<<  <   >  >>