للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

وروي أن عبد الرحمن بن زيد رحمة الله عليه قال: "وصف أهل الجنة بالبكاء والحزن والوجل والخوف ووصف أهل النار بالضحك والسرور والتفكّه حتى يعلم أن حُلْوَاتِ (١) الدنيا مرارات الآخرة، ومرارات الدنيا حُلْوَاتِ الآخرة" (٢). ألا فمن رأيتم فيه وصف أهل الجنة فأحبّوه لله عز وجل، ومن رأيتم فيه وصف أهل النار فأبغضوه لله عز وجل، ولا تحسنوا إليه خصوصًا إذا كان يشار إليه بالصلاح، فإنه زنديق ملعون (٣). وروي أن علقمة بن مرثد قال في سيرة الحسن البصري رحمه الله: "ما رأيت أحدًا من الناس أطول حزنًا منه ما كنَّا نراه إلا حديث عهد بمصيبة". ثم قال الحسن: "نضحك ولا تدري لعلّ الله تعالى [قد] أطلع [على] (٤) بعض أعمال لنا فقال لا أقبل منكم شيئًا" (٥). وروي أن ناسًا من أهل دمشق أتوا أبا مسلم الخولاني رحمه الله في منزله غازيًا أرض الروم، فوجدوه قد حفر في فسطاط جوبة، ووضع في الجوبة نطعًا، وأفرغ فيه الماء، فهو ينطل فيه (٦) و [هو] (٧) صائم، فقال له النفر: ما يحملك على الصيام وأنت مسافر وقد رخّص لك في الفطر في السفر؟ قال: لو حضر قتال [ق ٣٥ /أ] لأفطرت وتقوّيتُ للقتال، إن الخيل لا تجري [إلى] (٨) الغايات وهي بدنٍ إنما تجري ومع ضمر إن بين يدي الساعة أيام (٩) لها نعمل (١٠). وروي أن عامر بن [عبد] (١١)


(١) بالأصل في الموضعين: " حلاوات" والتصويب من "الهم والحزن" لابن أبي الدنيا.
(٢) صحيح - أخرجه ابن أبي الدنيا في "الهم والحزن" (ص/٨٧) (١٣٨) بسند رواته ثقات عن عبد الرحمن بن زيد إلا أن عبدالرحمن نفسه ضعيف.
(٣) وهذه مبالغة منه - رحمه الله - والأولى أنه لا يقصد الحصر في الصفات التي ذكرت في الأثر بل ولا في غيرهما من الصفات الظاهرة التي قد لا يستلزم أن يوصف فاعلها بهذين الوصفين، وأن نسوي بينه وبين من يكذب بالقرآن ويشكك فيه، ويجحد الصانع والمعاد ونحو ذلك.
(٤) زيادتان من السير.
(٥) ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (٤/ ٥٨٥).
(٦) أي يصبه فيه يسيرا، وفي صفة الصفوة: " يتصلق فيه " أي: يتلوى، ويتقلب.
(٧) زيادة من صفوة الصفوة.
(٨) زيادة من صفوة الصفوة.
(٩) وفي صفة الصفوة: " إن بين أيدينا أياماً".
(١٠) ذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (٢/ ٣٧٠).
(١١) سقطت من الأصل ..

<<  <   >  >>