للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:
مسار الصفحة الحالية:

ثبتنا الله وإيّاكم على صراطه المستقيم، وحمانا وإياكم من أهوال اليوم العقيم، وجعلنا وإيّاكم ممّن يبشرهم ربّهم برحمة منه ورضوان وجنّات لهم [فيها] نعيم مقيم خالدين فيها أبد إن الله عنده أجر عظيم. فيا أيها الآدمي المسكين المخلوق لأمر عظيم وخطب جليل جسيم الذي خلفت من أجله الجحيم وجنات النعيم إذا أنت أصغيت إلى الملاهي بسمعك، ونظرت إلى محارم الله عز وجلّ ببصرك، وجمعك ورضيت لنفسك برقصك ونقصك (١) وأذهبت أوقاتك العزيزة التقية في هذه الأحوال الدنية الخسيسة، وضيّعت عمرك الذي ليس [له] قيمة في هذه الخصال الحقيرة الذميمة وشغلتَ [ق ١٢٥ / أ] بدنك المخلوق للعبادة بما نهى الله عز وجل عنه عادة وجلست مجالس البطالين، وعملت أعمال الفاسقين الجاهلين وسوف نرى إذا كشف الغطاء ونزل القضاء ماذا يحلّ بك من الندم حين ترى منازل السابقين وأجور العاملين وأنت مع الخالفين المفرطين معدود من جملة المبطلين الغافلين قد زل بك القدم ونزل بك الألم واشتد بك الندم، فيومئذ لا ُيرحم من بكى ولا يُسمع من شكى ولا يُقال من ندم ولا ينجو من عذاب الله عز وجل إلا من رحم، أيقظنا الله وإياكم من شدة الغفلة (٢) واستعملنا وإيّاكم بطاعته في أيام المهلة، وسلك بنا وبكم إلى جنته الطريق المسهلة وبصر كلا منا ومنكم بما عليه وله بمنّة وكرامه. ألا فهذه أما نقلناه من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن أقاويل الصّحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء العارفين المحققين المرضيين وعبادهم الذين هم أئمة الدين وهداة الإسلام المهتدين ونصحتكم جهدي فمن قيل فحظّه أصاب، وفي ردّ نصيحتي فحظّه أخطأ فجار، والموعد بيننا [ق ١٢٥ / ب] يوم المآب، يوم يجمع الله الخلق للعرض والحساب. [ولو ذكرنا كل] ما ورد في أخلاق الأولياء والصّالحين من العلماء والعباد والمشايخ والفقراء وكلامهم وسيرهم وآدابهم وذكر عباداتهم وحفظ أوقاتهم خلافًا لأخلاق المشايخ والفقراء من أهل زماننا وخلافًا لسيرتهم وآدابهم لطال ذلك على النّاظر وقصرت الهمة عن ذلك والله أعلم.،

تمت الكتابة بحمد الله وعونه وحسن توفيه، الحمد لله وحده وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل سنة مائة وألف.

تم


(١) بالأصل: من رقصك بنقصك.
(٢) انتهى النقل عن فتيا ابن قدامة.

<<  <