أو كما جاء [ق ١٢٤ /أ] الخبر فأخبر أنّ ما نسوي سبيل الله عز وجل سبيل الشيطان من سلكها قذف في النار وسبيل الله تعالى هي التي عليها رسول الله عليه السلام وأوليائه والسابقون الأوّلون واتبعهم فيها التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدّين {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة: ١٠٠]، فمن سلكها سعد، ومن تركها بعد، وطريق رسول الله عليه السلام وسنّته وأخلاقه وسيرته وما كان عليه في عبادته وأحواله مشهور بين أهل العلم ظاهر لمن [أحب] الاقتداء به واتّباعه وسلوك منهجه والحقّ الواضح لمن أراد الله هدايته وسلامته، و {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا}[الكهف: ١٧]، وأقول شعرا (١):
ترك التكلّف في التصوف واجب ... ومن المحال تكلّف الفقراء
قوم إذا جنّ الظلام رأيتهم ... يتركعون تركع القراء
فالوجد منهم في الوجوه محله ... ثم السّماع يحلّ في الأعضاء
لا يرفعون بذلك صوتًا مجهّراً ... يتجنّبون مواقع الأهواء
ويواصلون الدهر صومًا دائمًا ... في حالة [ق ١٢٤ / ب] السراء والضراء
أو تراهم بين الأنام إذا أتوا ... مثل النجوم الزهراء في الظلماء
صدّقت عزائمهم وعز مرامهم ... وعنت بهم همم على الجوزاء
صدّقوا الإله حقيقة وعزيمة ... ورَعوا حقوق الله في الآناء
والرقص نقص عندهم وسفاهة ... ثم القضيب بغير ما إخفاء
هذا شعار الصالحين ومن مضى ... من سادة الزهاد والعلماء
وإذا رأيت مخالفًا لفعالهم ... فأنكر عليه بمعظم الإغواء
(١) هذه الأبيات أنشدها لنفسه أبو محمد عبد الله بن عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله المقرئ.