للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلموا أنّ المؤمن العاقل من الناس من لا يحبّ أن يسمع ما يكون مثله ينبت في قلبه النفاق من جارية ولا من غلام ولا من غيرهما، قد نزّه الله تعالى أهل الستر والعقل عن هذه الغفلة التي قد افتتن بها خلق كثير من الجهّال وأئمتهم الضلال نعم، ولا يسمعون من جارية قراءة القرآن صيانة لدينهم ومن اتّقى الله عز وجل زجر نفسه عن هواها، وإن كان يحبّ ذلك ويميل إليه ويزيّن له الشيطان ما يهوى ممّا لا يحل له. قال الله تعالى عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤٠، ٤١] [ق ٦٢ / ب]، وقال رسول الله عليه السلام: «لَيْسَ الشَّدِيدُ مَنْ غَلَبَ النَّاسَ وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ مَنْ غَلَبَ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ» (١)، وأقول شعرا:

يا أولى العلم وأرباب الحجا ... اسمعوا تكونوا مرشدين

لا تكون كقوم أحدثوا ... بدعة الرقص بما اختاروه دين

ويقولون بأن قد سلكوا ... مسلك الحق سبيل المهتدين

كذبوا، والله فيما يدعوا ... إنّما هم قوم سوء مفسدين

أفسدوا لم يصلحوا بل أصبحوا ... عن طريق الحق جمعًا حائدين

خالفوا الشرع الذي جاء به ... سيّد المرسلين وليسوا مقتدين

ويلهم لو علموا ما أحدثوا ... ندموا تلك العصاة المعتدين

لسوف يشقى من يخالف شرعنا ... في جزائه بجزاء (٢) المبعدين

يا لها من بدعة قد أحدثوا ... عن رواة الجهل فيها مُسْنَدين


(١) صحيح بدون قوله: "وهواه" - أخرجه الطيالسي في "مسنده" (٤/ ٢٥٨) (٢٦٤٨)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (١/ ٤٤٦) (٥١٦)، والنسائي في "الكبرى" (٩/ ١٥٣) (١٠١٥٦)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٤/ ٣٣١) (١٦٤٥)، والخرائطي في "اعتلال القلوب" (١/ ٣٨) (٦٣)، وابن حبان في "صحيحه" (٢/ ٤٩٣) (٧١٧)، وغيرهم من طريق أبي الأحوص سلام عن سعيد بن مسروق عن عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه به، إلا أنه لم يذكر قوله: "وهواه" ورواته ثقات.
(٢) بالأصل: " بجزأه".

<<  <   >  >>