للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي عن مسروق الأجدع رضي الله عنه أنه تمثّل ببيت من الشعر فقطعه، فقيل: لو أتممت البيت! فقال: "أكره أن أجد في صحيفتي بيتًا من الشعر" (١). وسئل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أحد فقهاء المدينة السبعة رضي الله عنهم عن الغناء فقال لسائله: أنهاك عنه وأكره. وقال أحرام هو؟ قال: انظر يا ابن [أخي] إذا ميز الله عز وجل الحق من الباطل من أيّهما يجعل الغناء (٢). وفي لفظ ففيم يجعل؟ قال: مع الباطل. قال: فأفتِ نفسك. وفي لفظ أن رجلاً قال له: ما تقول في الغناء أحرام هو؟ فسكت، فأعاد عليه ثلاثًا، فقال له في الرابعة: أخبرني إذا كان يوم القيامة، فأتى الحق والباطل فأين يكون الغناء؟ قال: مع الباطل. قال له القاسم رضي الله عنه: فأفت نفسك. وأقول شعرا:

إذا وضع الحق في كفة ... وفي أختها وضع الباطل

وجوزي العباد بأعمالهم ... وكلهم دمعه هاطل

فأيتهما كفة الراقصين ... أجيبوا فقد جاءكم سائل

وردّوا الجواب ولا تعجزوا ... وعالمكم عنه لا غافل

فشرط الفقيه يردّ الجواب ... صوابًا ولا دونه حائل

يردّ جوابًا وافيًا بما ... يراه الصحيح به فاصل

ولا يتوانى يردّ الجواب [ق ٦٨ /أ] ... ويهدي به السائل الجهال (٣)


(١) صحيح - أخرجه النسائي في "الكبرى" (١٠/ ٤٠٨) (١١٨٦٧) وابن سعد في "الطبقات" (٦/ ١٤٢) من طريق عبد الله، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، بنحوه، ورواته ثقات.
(٢) أخرج ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ص/٤٤) (٤٤) من طريق عبيدالله بن عمر , وأبو خيثمة قالا: ثنا يحيى بن سليم , عن عبيد الله بن عمر , قال: سأل إنسان القاسم بن محمد عن الغناء , فذكره، ويحيى بن سليم قال عنه النسائي: " منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر"، إلا أنه يقوي أن هذا الأثر محفوظ ما علقه ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ١٩٩) قال: وروى ابن وهب عن سليمان بن بلال عن كثير بن زيد أنه سمع عبيد الله بن عبد الله بن عمر يقول للقاسم بن محمد كيف ترى في الغناء؟ فقال القاسم: هو باطل، قال قد عرفت أنه باطل فكيف ترى فيه؟ قال القاسم: أرأيت الباطل أين هو؟ قال: في النار، قال: فهو ذاك" ورواته ثقات غير كثير قال عنه في "التقريب": "صدوق يخطئ".
(٣) هكذا بالأصل ولعل الصواب (الجاهل) أو لعلها (الجهال السائل). [الأظهر الأول؛ للوزن، والله أعلم، لكن اللام في "الجاهل" مفتوحة، لتبعيتها للمفعول، إلا أن تكون الجملة هكذا: "ويهتد به السائلُ الجاهلُ"، وهو الأقرب عندي، والله أعلم].

<<  <   >  >>