وروى سليمان الخطابي في كتاب "حفظ اللسان" أن طاووسًا رضي الله عنه قال: "إذا تمّت سنة ثلاث وثلاثين ومائة ظهرت شياطين سبعة من جزائر البحور، وتهيئوا بهيئة العلماء، فأحلّوا الحرام وحرموا الحلال، فلا تأخذوا العلم إلا ممّن تعرفون أو يعرف لكم"(١) ألا فاعتبروا قول طاووس وهو من كبار العلماء التابعين الذين جمعوا بين العلم والعمل، مات سنة ستّ ومائة قبل أن تجيء ثلاث وثلاثون ومائة بسبع سنة، فكيف بنا بعد اثنين وخمسمائة؟ قلت: فكيف بنا في زماننا اليوم ونحن في سنة أربع وخمسين وسبع مائة، وهذا قوله في شياطين تهيئوا في هيئة العلماء، فكيف بجهّال زماننا اتبعوا شياطينًا تهيئوا بهيئة الجهّال وضلالتهم أعظم من ضلالة شياطين تهيئوا بهيئة العلماء يتكلمون بكلام يردّون على رسول الله عليه السلام ما جاء به عن الله عز وجل، ويكفرّون الناس [ق ١٤ / ب] ويوهمونهم أنّهم يتكلمون في علم الحقائق والمكاشفات وأقوام آخرون يتكلمون بالعلم وليسوا من العلماء، بل من المحدّثين ومن رؤساء الجهّال. الله المستعان.
ما أكثر ما حشوا كتبهم من الكذب على الله تعالى وعلى رسوله عليه السلام وعلى أئمة المسلمين وعلمائهم ألا وأنه لا يخفى حالهم على أصحاب الحديث ما فعلوا وما افتروا على الله، وعلى رسوله وعلى أئمة المسلمين وعلمائهم.
(١) لم أقف عليه من كلام طاوس – وإنما أخرج ابن عدي في "لكامل" (٥/ ١٣٣)، وابن بطة في "الإبانة" (٦/ ١٤٧) (٤٢٣) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١/ ١٥٧) من طريق بقية بن الوليد عن الصباح بن مجالد عن عطية العوفي عن أبي سعيد مرفوعا: «إذا كان سنة خمس وثلاثين ومئة خرجت مردة الشياطين، كان حبسهم سليمان بن داود عليه السلام في جزائر البحور، فيذهب تسعة أعشارهم إلى العراق يجادلونهم بمشتبه القرآن، وعشر بالشام»، وإسناده ضعيف قال ابن حجر في الميزان: " صباح" بن مجالد شيخ لبقية لا يدرى من هو والخبر باطل، وأورده بن الجوزي في الموضوعات"، وفيه أيضا: بقية مدلس ويسوي فلابد وأن يصرح بالسماع حتى نهاية السند، وعطية العوفي مدلس، وقد عنعنه.