للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: وكان بشر إذا حدث في الناس حديثًا يغمّهم أقبل على نفسه يقول: ما يؤتي هذا الناس إلا من قبلك (١). وروي أن بشرًا قال: إذا رأيتني أحب أن يجالسني غنيّ فاعلم أني قد بليتُ (٢). وقال بشر: يأتي على الناس زمان لا تقرّ فيه عين حكيم، ويأتي على الناس زمان يكون الدولة للحمقاء على الأكياس (٣). وروي أن روميّة جارة أمّ بشرٍ قالت: كنت أسمع بشرًا يقول: الموت يا موت، فقيل: يا أبا نصر ألا تنام؟ [ق ٣٠ /أ] فقال: وكيف ينام من يخاف البيات؟ (٤) وأقول شعرًا:

أخوف ونوم إن ذا لعجيب ... ثكلتك من قلب فأنت كذوب

وهل من رُقادٍ للمروع قلبه ... وأخشاه من خوف الحساب تذوب

أما وجلال الله لو كنت صادقًا ... لما كان للإغماض فيك نصيب

أما تستحي يا نفس من خالق الورى ... إذا نُشرت عليك يومًا ذنوب

وقمت إذا كان الحساب مناقشًا ... بقبح فقال لست عنه أتوب

وما حيلتي أن أخذوني بزلتي ... ليوم عبوس القمطرين عصيب

وكانت شهودي عند ذاك جوارحي ... ونفسي على نفسي عليّ رقيب

وروي أن الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: إذا رأيت الليل مقبلاً فرحت وقلت: أخلو بريي ولا أرى الناس، فإذا نظرت الصبح استرجعت وبكيته (٥) كراهية اللقاء الناس أو يجيئني من يشغلني عن ربي عز وجل (٦) وأقول شعرا:

هذى فعال الصالحين وقد مضَوا ... أهل الصلاح من الذين تقدموا

كانوا يصومون النهار وليلهم ... في (٧) القيام لربّهم يتخدّموا


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ، ويوضح معناه ما أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٣٥١) عن سعيد بن عاصم، قال: كان قاص يجلس قريبا من مسجد محمد بن واسع فقال يوما وهو يوبخ جلساءه: ما لي أرى القلوب لا تخشع ولا أرى العيون لا تدمع وما لي لا أرى الجلود لا تقشعر؟ فقال محمد بن واسع: «يا عبد الله ما لي أرى القوم أتوا إثما من قبلك؟ إن الذكر إذا خرج من القلب وقع على القلب»
(٢) لم أقف عليه، وأخرج السلفي في "الطيوريات" (٣/ ١٠٨٣) (١٠٠٢) عن بشر بن الحارث أنه قال: ((إذا رأيت القارئ يستوي بباب غنى فهو ممقوت)).
(٣) أخرجه إسماعيل الأصبهاني في "سير السلف الصالحين" (ص/١٠٨٢).
(٤) لم أقف عليه.
(٥) بالأصل كلمة غير واضحة، والأنسب للسياق ما ذكرته.
(٦) ذكره الغزالي في "الإحياء" (٢/ ٢٢٧) بدون إسناد.
(٧) كذا بالأصل والأليق بالوزن (رهن).

<<  <   >  >>