للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي أن منصور بن المعتمر رحمه الله أربعين سنة قام ليلها وصام نهارها، وكان يبكي فتقول أمّه: يا بُنيّ أقتلت قتيلاً؟ فيقول: أنا أعلم بما صنعتُ بنفسي، فإذا أصبح كحل عينيه ودهن رأسه وبرق شفتيه وخرج إلى الناس. (١) وروي أن أبا بشر قال: "كانت جارة لمنصور المعتمر رحمه الله وكانت لها بنتان لا تصعدان السطح إلا بعد ما ينام الناس، فقالت احديهما: يا أماه ما فعلتُ القائمة التي كانت أراها في سطح فلان. قالت: يا بنت ما كانت تلك قائمة إنما كان منصورًا يحيي الليل كله في ركعة واحدة ولا يسجد" (٢). وروي أن أبا بكر بن عياش رحمه الله لما حضرته [ق ٣٦ / ب] الوفاة بكتْ أخته فقال: "لا تبكي وأشار إلى زاوية في البيت فقد ختم أخوك في تلك الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة" (٣). وروي أن مسروق رحمه الله حج فما نام إلا ساجدًا (٤)، وحج الأسود رحمه الله ثمانين حجة وعمرة، وكان الأسود يجهد نفسه في الصوم والعبادة حتى يخضر لونه ويصفر، وكان علقمة يقول له: كم تعذب هذا الجسد؟ فيقول: إن الأمر جدّ (٥).


(١) أخرجه ابن الجوزي في "حفظ العمر" (ص/٤٣)، والذهبي في "تاريخ الإسلام" (٣/ ٧٤١)، وغيرهما.
(٢) أخرجه ابن الجوزي في "حفظ العمر" (ص/ ٤٤).
(٣) أخرجه ابن الجوزي في "حفظ العمر" (ص/٤٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ٣٠٤).
(٤) صحيح - أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص ٣٤٧) (٩٧٥)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٧/ ١٤٨) (٣٤٨٦٦)، وأحمد في "الزهد" (ص/٢٨٢) (٢٠٣٠)، والبيهقي في "المدخل" (ص/ ٣٣٠) (٥٣٢)، وغيرهم من طريق شعبة عن إبي إسحاق به، , وأبو إسحاق مدلس، واختلط، إلا أن رواية شعبة عنه تدل على السماع قال شعبة: ((كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة))، قال الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين": ((فهذه قاعدة جيّدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة أنها جاءت من طريق شعبة دلّت على السماع، ولو كانت معنعنة)) وقد اختلط أبو إسحاق بآخره، لكن رواية شعبة عنه قبل الاختلاط.
(٥) إسناده حسن - أخرجه أحمد في "الزهد" (ص/ ٢٨١)، ، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ١٠٣)، وابن الجوزي في "حفظ العمر" (ص/ ٤٧) من طريق حجاج عن محمد بن طلحة عن عبدالرحمن بن ثروان به، وحجاج هو المصيصي ثقة، وابن طلحة قال عنه في "التقريب": "صدوق له أوهام".

<<  <   >  >>