للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

حكم المتعة عند فقهاء السنة

يرى فقهاء السنة أن نكاح المتعة أبيح للضرورة الملجئة أياماً من الدهر، في حال السفر الطويل، والغزو البعيد في صدر الإسلام وكان المسلمون حديثي عهد بالجاهلية، ثم حُرِّم تحريماً قاطعاً على التأبيد، بعد أن استقام عمود الدين، وقويت شوكة المؤمنين، واشتد عود إيمانهم والتزامهم، وصاروا في غير ما حاجة إلى التماس مثل هذه الرخص (١).

استدل فقهاء السنة على صحة مذهبهم بأدلة من القرآن والسنة النبوية الشريفة، وكما استدلوا أيضاً بالإجماع والمعقول الصحيح، وفيما يلي الأدلة التي استدلوا بها:

[أدلة فقهاء السنة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة]

أولاً: القرآن الكريم: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٥ - ٧].

وجه الاستدلال:

بينت الآيات أنواع الأنكحة المباحة في الإسلام، وهي تنحصر في الزواج الصحيح الدائم، وملك اليمين، وحرمت ما دون ذلك، يقول إمام المفسرين ابن جرير الطبري «فمن التمس لفرجه منكحاً سوى زوجته أو ملك يمينه، ففاعلوا ذلك هم العادون، الذين عدوا ما أحل الله لهم إلى ما حرم عليهم فهم الملمون» (٢).

وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد موقفاً للقاضي يحيى بن أكثم قال كنا مع المأمون في طريق الشام، فأمر فنودي بتحليل المتعة، فقال لنا يحيى بن أكثم: بَكِّرَا


(١) نكاح المتعة بين الإباحة والتحريم للأستاذ الدكتور أحمد عوض أبو الشباب (ص ١٨٥).
(٢) جامع البيان في تأويل القرآن (٢٣/ ١٢).

<<  <   >  >>