للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصداق كاملاً في المؤبد أولى، فلابد أن تدُلَّ الآية على المؤبد، إما بطريق التخصيص، وإما بطريق العموم، يدل على ذلك أنه ذكر بعد هذا نكاح الإماء، فعُلم أن ما ذكر كان في نكاح الحرائر مطلقاً، فإن قيل قراءة طائفة من السلف: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) قيل:

أولاً: ليست هذه القراءة متواترة وغايتها أن تكون كأخبار الآحاد بل هي من القراءات الشاذة، ونحن لا ننكر أن المتعة أحلت في أول الإسلام، لكن الكلام في دلالة القرآن على ذلك.

ثانياً: أن يقال: هذا الحرف إن كان نزل، فلا ريب، أنه ليس ثابتاً من القراءة المشهورة، فيكون منسوخاً، ويكون نزوله لمَّا كان المتعة مباحة، فلمَّا حُرَّمت نُسِخَ إلى أجل مسمى واجبٌ إذا كان مسمى، وإنما يكون ذلك إذا كان الاستمتاع إلى أجل مسمى حلالاً، وهذا كان في أول الإسلام، فليس في الآية ما يدل على أن الاستمتاع بها إلى أجل مسمى حلال، فإنه لم يقل: وأُحِلَ لكم أن تستمتعوا بهن إلى أجل مسمى، بل قال (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) فهذا يتناول ما وقع من الاستمتاع سواء كان حلالاً أو كما في وطء شبهة (١).

ثانياً: المناقشة من حيث الرواية:

إن من المعلوم أن الحديث الصحيح عند فقهاء السنة هو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذاً ولا معللاً (٢). أما الحديث الصحيح عند الشيعة الإمامية (٣) هو ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل


(١) منهاج السنة (٤/ ١٨٧).
(٢) الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث لابن كثير ص ٢١
(٣) الشيعة الإمامية الإثني عشرية هي تلك الفرقة من المسلمين الذين زعموا أن علياً هو الأحق في وراثة الخلافة، دون الشيخين وعثمان رضي الله عنهم أجمعين، وقد أطلق عليهم الإمامية لأنهم جعلوا من الإمامة القضية الأساسية التي تشغلهم وسُمّوا الإثني عشرية لأنهم قالوا باثني عشر إماماً، دخل آخرهم السرداب باسمراء على حد زعمهم، كما أنهم القسم المقابل لأهل السنة والجماعة في فكرهم وآرائهم المتميزة، وهم يعملون لنشر مذهبهم ليعم العالم الإسلامي، ولهم أئمة يتسلسلون على النحو التالي:
١ - علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي يلقبونه بالمرتضى، رابع الخلفاء الراشدين وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مات غيلة حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في السابع عشر من رمضان سنة ٤٠ هـ.
٢ - الحسن بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالمجتبى، (ت ٥٠ هـ)
٣ - الحسين بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالشهيد (ت ٦١ هـ)
٤ - علي زين العابدين بن الحسن ويلقبونه بالسجاد (ت ٩٥ هـ)
٥ - محمد الباقر بن علي زيد العابدين ويلقبونه بالباقر (ت ١١٤ هـ)
٦ - جعفر الصادق بن محمد الباقر ويلقبونه بالصادق (ت ١٤٨ هـ)
٧ - موسى الكاظم بن جعفر الصادق ويلقبونه بالكاظم (ت ١٨٣ هـ)
٨ - علي الرضى بن موسى الكاظم ويلقبونه بالرضى (ت ٢٠٣ هـ)
٩ - محمد الجواد بن علي الرضى ويلقبونه بالتقي (ت ٢٢٠ هـ)
١٠ - علي الهادي بن محمد الجواد ويلقبونه بالنقي (ت ٢٥٤ هـ)
١١ - الحسن العسكري بن علي عبد الهادي ويلقبونه بالزكي (ت ٢٦٠ هـ)
١٢ - محمد المهدي بن الحسن العسكري، يلقبونه بالحجة القائم المنتظر، يزعمون بأن الإمام الثاني عشر قد دخل سرداباً في دار أبيه بسر من رأى ولم يعد وقد اختلفوا في سنه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثمان سنوات، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاً، وأنه من اختراعات الشيعة ويطلقون عليه لقب (المعدوم أو الموهوم). (الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، تأليف: الندوة= =العالمية للشباب الإسلامي، إشراف وتحقيق ومراجعة الدكتور مانع بن حماد الجهني ١/ ٥١).

<<  <   >  >>