للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشئ أحب إليه من كلامه" فقلت هكذا هو.

قال صالح بن أحمد: فجعل أحمد بن أبي دؤاد ينظر إلى أبي كالمغضب، قال أبي: وكان يتكلم هذا فأرد عليه، ويتكلم هذا فأرد عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين، هو والله ضالّ مبتدع! فيقول: كلموه، ناظروه، فيكلمني هذا فأرد عليه، ويكلمني هذا فأرد عليه، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم: ويحك يا أحمد، ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسول الله حتى أقول به، فيقول ابن أبي دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسول الله؟ فقلت له: كما تأولت تأويلاتٍ فأنت أعلم، وما تأولت ما يحبس عليه وما يقيد عليه.

وقال حنبل: قال أبو عبد الله: ولقد احتجوا عليّ بشئ ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أن أحكيه، أنكروا الآثار، وما ظننتهم على هذا حتى سمعت مقالتهم، وجعلوا يدعون بقول الخصم وكذا وكذا، فاحتججت عليهم بالقرآن، بقوله {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} فذمّ إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر، فهذا منكر عندكم؟! فقالوا: شبّه يا أمير المؤمنين، شبه يا أمير المؤمنين!

وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: حدثني بعض أصحابنا أن ابن أبي دؤاد أقبل على أحمد يكلمه، فلم يلتفت إليه، حتى قال المعتصم: يا أحمد، ألا تكلم أبا عبد الله؟ فقال أحمد: لست أعرفه من أهل العلم فأكلمه!.

وقال صالح بن أحمد: وجعل ابن أبي دؤاد يقول: يا أمير المؤمنين، لئن أجابك لهو أحبُّ إلي من مائة ألف دينار ومائة ألف دينار، فيعدَّ من ذلك ما شاء الله أن يعد، فقال المعتصم: والله لئن أجابني لأطلقنَّ عنه بيدي ولأركبنَّ إليه بجندي ولأطأن عقبه.

ثم قال: يا أحمد، والله إني عليك لشفيق، وإني لأشفق عليك

<<  <  ج: ص:  >  >>