للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني المعتصم: ادْنُه، ادْنُه، فلم يزل يدنيني حتى قربت منه، ثم قال لي: اجلس فجلست، وقد أثقلتنى الأقياد، فمكثت قليلاً، ثم قلت: أتأذن لي في الكلام؟ فقال: تكلم، فقلت: إلى ما دعا الله ورسوله (١)؟ فسكت هنيهةً، ثم قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قلت: إن جدك ابن عباسٍ يقول: "لما قدم وفد عبد القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن الإيمان؟ فقال: أتدرون ما الإيمان؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا الخمس من المغنم (٢) "، قال: أبي قال، يعني المعتصم: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك.

ثم قال: يا عبد الرحمن بن إسحاق، ألم آمرك برفع المحنة؟! فقلت: الله أكبر، إن في هذا لفرجًا للمسلمين، ثم قال لهم: ناظروه، وكلموه، يا عبد الرحمن كلمه، فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ قلت له: ما تقول في علم الله؟ فسكت، فقال لي بعضهم: أليس قال الله تعالى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} والقرآن أليس هو شيء؟ فقلت: قال الله تعالى {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} فدمرت إلا ما أراد الله؟ فقال بعضهم {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} أفيكون محدثٌ إلا مخلوقًا؟ فقلت: قال الله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فالذكر هو القرآن، ويلك! ليس فيها ألف ولام.

وذكر بعضهم حديث عمران بن حصين أن الله عز وجل خلق الذكر فقلت: هذا خطأ، حدثنا غير واحد "إن الله كتب الذكر". واحتجوا بحديث ابن مسعود "ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي" فقلت: إنما وقع الخلق على الجنة والنار والسماء والأرض، ولم يقع على القرآن، فقال بعضهم: حديث حبَّاب "يا هنتاه، تقرب إلى الله بما


(١) انظر لإثبات ألف "ما" مع حرف الجر، ما قلناه في شرح الحديث الآتي في المسند ٣١٧.
(٢) سيأتي الحديث في المسند ٢٠٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>