للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الانصراف دُعي بقيد فزيد في قيودي. قال: فصار في رجله أربعة أقياد. قال أبي: فلما كان في اليوم الثالث دخل علي أحد الرجلين فناظرني، فقلت له: ما تقول في علم الله؟ قال: علم الله مخلوق، فقلت له: كفرت (١)، فقال الرسول الذي كان يحضر من قبل إسحاق بن إبراهيم: إن هذا رسول أمير المؤمنين، فقلت له: إن هذا قد كفر، فلما كان في الليلة الرابعة وجه، يعني المعتصم، ببُغَا الذي كان يقال له الكبير، إلى إسحاق فأمره بحملي إليه، فأدخلت على إسحاق، فقال: يا أحمد، إنها والله نفسك، إنه لا يقتلك بالسيف، إنه قد آلى إن لم تجبه أن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يقتلك في موضع لا تُرى فيه شمس ولا قمر، أليس قد قال الله عز وجل: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ فقلت: قد قال الله تعالى {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} أفخلقهم؟ قال: فسكت، فلما صرنا إلى الموضع المعروف بباب البستان أخرجت، وجيء بدابة فَحُملتُ عليها وعليَّ الأقياد، ما معى أحد يمسكني، فكدت غير مرةٍ أن أخرَّ عَلى وجهي لثقل القيود، فجيء بي إلى دار المعتصم، فأُدخلت حجرة وأُدخلت إلى بيت، وأقفل الباب عليّ وذلك في جوف الليل، وليس في البيت سراج، فأردت أن أتمسح للصلاة، فمددت يدي، فإذا أنا بإناء فيه ماء وطست موضوع، فتوضأت وصليت، فلما كان من الغد أخرجت تكتى من سراويلي وشددت بها الأقياد أحملها، وعطفت سراويلي، فجاء رسول المعتصم فقال: أجب، فأخذ بيدي وأدخلني عليه والتكة في يدي أحمل بها الأقياد، وإذا هو جالس وابن أبي دُؤاد حاضر، وقد جمع خلقاً كثيرًا من أصحابه، فقال لي


(١) هنا بهامش الأصل ما نصه: "إنما كفره لأنه إذا كان علم الله مخلوقاً لزم أن يكون في الأزل بغير علم حتى خلقه. تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً". وهذا حق بديهي معلوم من الدين بالضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>