للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلما أصبح جاء رسوله، فأخذ بيدي حتى ذهب بي إليه، فقال لهم: ناظروه وكلموه، فجعلوا يناظروني فأرد عليهم، فإذا جاؤوا بشئ من الكلام مما ليس في الكتاب والسنة قلت: ما أدري ما هذا؟! قال: يقولون: يا أمير المؤمنين، إذا توجهت له الحجة علينا ثبت، وإذا كلمناه بشئ يقول لا أدري ما هذا، فقال: ناظروه.

فقال رجل: يا أحمد أراك تذكر الحديث وتنتحله، قلت: ما تقول في {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}؟ قال: خص الله بها المؤمنين، قلت: ما تقول إن كان قاتلا أو عبدًا؟ فسكت، وانما احتججت عليهم بهذا لأنهم كانوا يحتجون بظاهر القرآن، حيث قال لي أراك تنتحل الحديث احتججت بالقرآن، يعني فلم يزالوا كذلك إلى قرب الزوال، فلما ضجر قال لهم: قوموا، وخلا بي وبعبد الرحمن بن إسحاق، فلم يزل يكلمني، ثم قال أبي: فقام ودخل، ورددت إلى الموضع.

قال: فلما كان في الليلة الثالثة قلت: خليق أن يحدث غداً من أمري شيء، فقلت لبعض من كان معي، الموكل بي: ارتد لي خيطًا، فجاءني بخيط، فشددت به الأقياد ورددت التكة إلى سراويلي، مخافة أن يحدث من أمري شيء فأتعرّى، فلما كان من الغد في اليوم الثالث وجَّه إليَّ، فأدخلت، فإذا الدار غاصة، فجعلمت أدخل من موضع إلى موضع، وقوم معهم السيوف، وقوم معهم السياط، وغير ذلك، ولم يكن في اليومين الماضيين كبير أحد من هؤلاء، فلما انتهيت إليه، قال: اقعد، ثم قال: ناظروه، كلموه، فجعلوا يناظروني، ويتكلم هذا فأرد عليه، ويتكلم هذا فأردّ عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم، فجعل بعض من على رأسه قائم يومئ إلي بيده، فلما طال المجلس نحاني ثم خلا بهم، ثم نحاهم وردني إلى عنده، فقال: ويحك يا أحمد! أجبني حتى أطلق عنك بيدي، فرددت عنه نحوًا مما كنت أرد، فقال لي: عليك وذكر اللعن، وقال: خذوه واسحبوه وخلَّعوه، قال: فسحبت ثم خُلَّعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>