قال: وقد كان صار إلي شعرٌ من شعر النبي طن - صلى الله عليه وسلم - في كم قميصي، فوجه إلي إسحاق بن إبراهيم: ماهذا المصرور في كم قميصك؟ قلت: شعر من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرقه على، فقال لهم، يعنى المعتصم: لا تخرقوه، فُنزع القميص عني، قال: فظننت أنه إنما دُرئ عن القميص الخرق بسبب الشعر الذي كان فيه، قال: وجلس المعتصم على كرسي، ثم قال: العقابين والسياط! فجيء بالعقابين، فمدت يداي، قال بعض من حضر خلفي: خذ نايَ الخشبتين بيديك وشدّ عليهما، فلم أفهم ما قال، فتخلعت يداي.
وقال محمد بن إبراهيم البوشنجى: ذكروا أن المعتصم لَايَن في أمر أحمد لما علق في العقابين، ورأى ثبوته وتصميمه وصلابته في أمره، حتى أغراه ابن أبي دؤاد، فقال له: إن تركته قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله، فهاجه ذلك على ضربه.
قال صالح: قال أبي. لما جيء بالسياط نظر إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها، ثم قال للجلادين: تقدموا، فجعل يتقدم إلي الرجل منهم فيضربني سوطين، فيقول له: شد، قطع الله يدك! ثم يتنحى ويقوم الآخر فيضربني سوطين، وهو يقول في كل ذلك: شد، قطع الله يدك! فلما ضربت تسعة عشر سوطًا قام إلي، يعني المعتصم: وقال: يا أحمد، علام تقتل نفسك؟ إني والله عليك لشفيق، قال: فجعل عُجيف ينخسني بقائمة سيفه، وقال: أتريد أن تغلب هؤلاءكلهم؟ وجعل بعضهم يقول: ويلك، الخليفة على رأسك قائم! وقال بعضهم: يا أمير المؤمنين، دمه في عنقي، اقتله! وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين، أنت صائم، وأنت في الشمس قائم! فقال لي: ويحك يا أحمد، ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئاً من كتاب الله أو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقول به، فرجع وجلس، وقال للجلاد: تقدم وأوجع، قطع الله يدك! ثم قام الثانية، فجعل يقول: ويحك يا أحمد، أجبني، فجعلوا يقبلون على ويقولون: يا أحمد، إمامك على رأسك قائم! وجعل عبد الرحمن يقول: من صنع من