للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هنَّيةً، ثم ردَّه ولم يشرب! فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش، وهو فيما هو فيه من الهول!

قال صالح: كنت التمس واحتال أن أوصل إليه طعامًا أو رغيفاً في تلك الأيام، فلم أقدر. وأخبرني رجل حضره: أنه تفقده في هذه الأيام الثلاثة وهم يناظرونه، فما لحن في كلمة، قال: وما ظننت أن أحداً يكون في مثل شجاعته وشدة قلبه.

وقال حنبل. سمعت أبا عبد الله يقول: ذهب عقلي مرارًا، فكان إذا رفع عني الضرب رجعت إلي نفسي، وان استرخيت وسقطت رفع الضرب، أصابني ذلك مرارًا، ورأيته، يعني المعتصم، قاعدًا في الشمس بغير مظلة، فسمعته وقد أوقفت يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتكبت في أمر هذا الرجل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه والله كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه! فلا يزال به حتى يصرفه عما يريد، فقد كان أراد تخليتي بغير ضرب فلم يدعه ولا إسحق بن إبراهيم، وعزم حينئذ على ضربي.

قال حنبل: وبلغني أن المعتصم قال لابن أبي دؤاد بعد ما ضرب أبو عبد الله: كم ضرب؟ فقال ابن أبي دؤاد: نيفًا وثلاثين، أو أربعةً وثلاثين سوطًا.

وقال أبو عبد الله: قال لي إنسان ممن كان ثم: ألقينا على صدرك بارية وأكببناك على وجهك ودسناك.

قال أبو الفضل عبيد الله الزهري: قال المروذيّ: قلت وأحمد بين الهنبارين: يا أستاذ، قال الله تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} قال: يا مروذي، اخرج انظر، فخرجت إلى رحبة دار الخليفة، فرأيت خلقًا لا يحصيهم إلا الله تعالى،


= جمادى الأولى سنة ١٣٣٧، قال: "كأن المسلمين لم يبلغهم من هداية كتابهم فيما يغشاهم من ظلمات الحوادث غير قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} ثم أصيبوا بجنون التأويل فيما سوى ذلك، ولست أدري وقد فهموا منها ما فهموا، كيف يقولون بوجوب الجهاد، وهو إتلاف للنفس والمال؟! وكيف يفهمون تعرضه - صلى الله عليه وسلم - لصنوف البلاء والإيذاء!؟ ولماذا يؤمنون بكرامة الشهداء والصابرين في البأساء والضراء على الله"؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>