عنه والتعرض لشيء أظنني غير أهل له. ثم -كما يقول علماء البلاغة- "أقدم رجلاً وأؤخر أخرى"، وكان معنا في مدينة الزقازيق عاصمة مديرية الشرقية، حين كنت قاضيًا بالمحاكم الشرعية فيها، شاب من الرجال الصالحين المتقين، هو صديقي الدكتور "السيد أحمد أحمد الشريف" رحمه الله، وكان -على أنه تعلم الطب في أوربة، في ألمانيا- من كبار الزاهدين الخائفين من الله، يقوم الليل، ويقبل على قراءة القرآن والتفقه فيه، وعلى فقه السنة والعلم بها، وكانت لنا في مدارستها مجالس، وكنت أعرض عليه ما أعمل في خدمة هذا الديوان الأعظم، فكان يحثني ويستنهض همتي، فاستشرته مراراً في الإقدام على الكلام على الأحاديث من جهة الصحة والضعف، فكان لا يني أن يرغبني في ذلك، ويحملني على الإقدام عليه، بعد التوكل والاعتماد على الله. حتى شرح الله صدري لهذا العمل، فأقدمت واستعنت بالله. والحمد لله على التوفيق.
ولم ألتزم في الكلام على الأحاديث أن أخرّجها كلها، فذلك أمر يطول جدًا إنما جعلت همتي ووكدي أن أبين درجة الحديث، فإن كان صحيحاً ذكرت ذلك، وإن كان ضعيفاً بينت سبب ضعفه. وإن كان في إسناده رجل مختلف في توثيقه وتضعيفه، اجتهدت رأيي على ما وسعه علمي، وذكرت ما أراه. وفي كثير من مثل هذا أخرج الحديث بذكر من رواه من أصحاب الكتب الأخرى.
وعن هذا صنعت الفهرس الثاني من الفهارس اللفظية، ليكون الكلام على الرجل المضعف أو الموثق أو المختلف فيه مرةً واحدة في الأغلب، فيمكن للقاريء إذا عرض له في إسناد أن يبحث عنه في الفهرس، ثم يرجع إلى ما قلته فيه، وما اخترته درجةً له.