للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، لَا يَغْشَاهَا إِلَاّ الْعَوَافِي"، قَالَ يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ، "وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يَنْعِقَانِ لِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدَاهَا وُحُوشاً، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ حُشِرَا عَلَى وُجُوهِهِمَا، أَوْ "خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا".


= شُعيب عن الزهري، بهذا الإِسناد، نحوه. ورواه مسلم (١: ٣٩١)، من طريق عقيل بن خالد عن الزهري. وروى مالك في الموطأ (ص ٨٨٨) بعض معناه، عن ابن حماس عن عمه عن أبي هريرة. قوله "على خير ما كانت": قال الحافظ (٤: ٧٨ - ٧٩): "أنكر ابن عمر على أبي هريرة تعبيره في هذا الحديث بقوله "خير ما كانت"، وقال: إن الصواب "أعمر ما كانت". أخرج ذلك عمر بن شبة في أخبار المدينة، من طريق مساحق ابن عمرو: أنه كان جالسًا عند ابن عمر، فجاء أبو هريرة، فقال له: لم تردّ علي حديثي؟، فوالله لقد كنت أنا وأنت في بيت، حين قال النبي -صلي الله عليه وسلم -: يخرج منها أهلها خير ما كانت، فقال ابن عمر: أجل، ولكن لم يقل "خير ما كانت"، إنما قال "أعمر ما
كانت"، ولو قال "خير ما كانت" لكان ذلك وهو حيّ وأصحابه، فقال أبو هريرة: صدقتَ والذي نفسي بيده". ولست أعرف إسناد عمر بن شبة الذي رواه به، إذ لم يكشف عنه الحافظ. ولكني أرى أن المعنى قريب، وأن المراد: خير ما كانت في العمران والرفاهية، بمعنى ما قال ابن عمر. فاللفظان متقاربان. والقرينة واضحة أن هذا يكون في آخر الزمان، لقوله في الحديث: "وآخر من يحشر راعيان". فهذا من أعلام النبوة، مما أطلع الله عليه نبيه، مما سيكون عند انتهاء الدنيا. "العوافي": جمع "العافي" و"العافية"، وهو كل طالب رزق، من إنسان أو بهيمة أو طائر. ونقل الحافظ في الفتح عن ابن الجوزي، قال: "اجتمع في العوافي شيئان: أحدهما أنها طالبة لأقواتها، من قولك "عفوت فلانًا أعفوه، فأنا عاف، والجمع عفاة"، أي أتيت أطلب معروفه. والثانى من العفاء، وهو الموضع الخالي الذي لا أنيس به، فإن الطير والوحش تقصده، لأمنها على نفسها فيه".
وقوله "ينعقان لغنمهما": النعيق: دعاء الراعي الشاء والصياح بها وزجرها، يكون ذلك في الضأن والمعز. وأكثر ما يستعمل بالباء، يقال "نعق الراعي بالغنم". ولكنها ثابتة هنا باللام بدل الباء، في (ح م)، وفي (ك) ونسخة بهامش (م) "بغنمهما". وهي الموافقة لرواية =

<<  <  ج: ص:  >  >>