أبان بن صالح عن شَهْر بن حَوْشَب الأشعري عن رَابِّه، رجل من قومه كان خَلَف جملى أُمّه بعد أبيه، كان شهد طاعون عَمَواس، َ قال: لما اشتعل الوجعُ قام أبو عبيدةَ بن الجراح في الناس خطيبًا، فقال: أيها الناس، إن هذا الوجع رحمةُ ربكم، ودعوة نبيكم، ليموت الصالحين قبلَكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يَقسم له منه حظه، قال: فطعِنَ، فمات رحمه الله، واستُخلف علىِ الناس معاذُ بن جبل، فقام خطيبًا بعده، فقال: أيها الناس، إن هذا الوجع رحمةُ ربكم، ودعوة نبيكم، وموتُ الصالحين قبلَكم، وإن معاذاً يسأل الله أن يقسمِ لآل معاذ منه حظه، قال: فطُعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ، فمات، ثم قام
فدعا ربه لنفسه، فطُعن في راحته، فلقد رأيته ينظر إليها ثم يقبل ظهرَ كفّه، ثم يقول: ما أُحبُّ أن لى بما فيك شيئاً من الدنيا، فلما مات استُخلف على الناس عمرُو بنَ العاص، فقام فينا خَطيباً، فقال: أيها الناس، إن هذا الوجعَ إذا وقع فإنما يشتعلُ اشتعالَ النار فَتَجبَّلُوا منه في الجبال، قال: فقال له أبو واثلة
الهذَليّ: كذبت والله، لقد صحبتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنت شرُّ من حماري هذا!! قال: والله ما أَرُدُّ" عليك ما تقول، وايم الله لا نُقيم عليه، ثم خرج وخرج الناسُ فتفرقوا عنه، ودفعه الله عنهم، قال: فبلغ ذلك عمرَ بن
= وشهرفيه كلام، وشيخه لم يسم". ووقع فيه خطأ في اسم شهر، فكتب "وعن شهر بن حريث" وفى كلمة "وشيخه" كتبت "وبنسخة"! وهي من أغلاط الطبع. "عمواس" بفتح العين والميم وتخفيض الواو: كورة من فلسطين قرب بيت المقدس، كان منها ابتداء الطاعون في أيام عمر، ثم فشا في أرض الشأم، فمات فيه خلق كثير لا يحصى من الصحابة ومن غيرهم، في سنة ١٨. "تجبلوا منه في الجبال": أي ادخلوا الجبال وصيروا إليها. أبو واثلة الهذلي: صحابي شهد فتوح الشأم، له ترجمة في أسد الغابة والإصابة ٧: ٢١١ - ٢١٢ وأشار إلى هذا الحديث. "مشكدانة": هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر ابن محمد بن أبان بن صالح بن عمير، مضى في ١٠٧١، وانظر الكبير للبخاري ١/ ١/ ٤٥١ - ٤٥٢ ترجمه أبان بن صالح.