للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحاصل كلام الإمام مسلم الذي عرض فيه منهجه وشروطه يتلخص فيما يلي:

أولًا: أنه يتحاشى التكرار إلا عند الحاجة الماسة.

ثانيًا: أنه قسم الأخبار المسندة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ثلاثة أقسام تضم أربع طبقات تبعًا لدرجات الرواة ومكانتهم من حيث قبول رواياتهم وردها:

القسم الأول: أنه التزم بتخريج روايات أهل الحفظ والإتقان والاستقامة من أهل الطبقة الأولى أولًا.

القسم الثاني: أنه يُتْبِع روايات أهل الطبقة الأولى بروايات أهل الطبقة الثانية، ممن يشملهم الستر والصدق، وليسوا من أهل الحفظ والإتقان، وعنده أن أخبار أهل القسم الثاني لتقوية ومعاضدة روايات أهل القسم الأول عند الاحتياج إليها، وقد بيَّن الحافظ ابن حجر العسقلاني قصد الإمام مسلم من المتابعات، وهو يرفع بها التفرد عن أحاديث أهل القسم الأول إذا وجدت الحاجة لذلك، ويفيد قلة أحاديث القسم الثاني في الصحيح نسبيًّا؛ لأن هدفه الأول الصحة، وقد يتحقق في كثير من الأحيان بأحاديث أهل القسم الأول.

وحين تكلم ابن القطان على أحد رجال مسلم وقال: "وعيب على مسلم إخراج حديثه"، قال ابن القيم ردًّا عليه: "ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه؛ لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطرح من أحاديث الثقة ما يعلم أنه غلط فيه"١.

وهذا يتفق مع تصريح الإمام مسلم نفسه حين قال: "ليس كل شيء صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه"٢.

القسم الثالث: ويشمل المتهمين من أهل الطبقة الثالثة، والغالب على حديثه


١ زاد المعاد "١/ ٣٦٤".
٢ صحيح مسلم "١/ ٣٠٤" في الحديث رقم "٦٣".

<<  <   >  >>