للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن مالك بن أوس قال: سمعت عمر يقول لعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد: نشدتكم بالله الذي تقوم السماء والأرض به أعلمتم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنا لا نورث، ما تركناه صدقة"؟ قالوا: اللهم نعم١.

وعن بُسر بن سعيد قال: أتى عثمانُ المقاعد، فدعا بوضوء، فتمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه ثلاثًا ثلاثًا، ثم مسح برأسه ورجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هكذا يتوضأ، يا هؤلاء أكذاك؟ "لنفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنده" قالوا: نعم٢.

الثاني: التشدد في الحفظ والأداء خشية أن يكون الواحد منهم سمع الحديث أو حفظه على وجه لا ينبغي فيخطئ في أدائه، ويكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإن كان غير متعمد، فقللوا من روايتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن المقل في الرواية أضبط وأتقن لما يُروى. قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أكون أوعى أصحابه عنه؛ ولكني أشهد لَسَمِعتُه يقول: "مَن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" ٣.

ويقول الإمام علي كرم الله وجهه: "إذا حدثتكم عن رسول الله فلأن أخرَّ من السماء أحب إليَّ من أن أقول عليه ما لم يقل"٤.

وصح عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه خطبهم فقال: "إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار"٥. فأبو بكر يبين للناس جميعًا أنه لا يحدث إلا بما يعلم ويثق منه، ثم إنه لم يكتفِ بالحيطة لنفسه؛ بل أمر الناس بذلك أيضًا، وحثهم على التثبت فيما يحدثون به أو يستمعونه، ومن


١ مسند أحمد "١/ ٢٨٨، ١٨٦، ١٨٧" وإسناده صحيح.
٢ مسند أحمد "١/ ٣٧٢" بإسناد صحيح.
٣ مسند أحمد "١/ ٦٥".
٤ صحيح مسلم بشرح النووي "٣/ ١١٦".
٥ تذكرة الحفاظ "١/ ٤"، وفي مقدمة التمهيد "١/ ١١" ولفظه: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "إياكم والكذب؛ فإنه مجانب الإيمان".

<<  <   >  >>