للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثاله أيضًا حديث شريك بن عبد الله عن المقدام بن شُريح بن هانئ عن عائشة قالت: "من حدثكم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبول قائمًا فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعدًا" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه١.

قال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح.

وقال الإمام بدر الدين الزركشي: وإسناده على شرط مسلم٢.

الثامن: ومن مظاهر الحيطة عرض الحديث على القياس: ومثاله: ما رواه الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوضوء مما مست النار ولو من ثور أقط"، فقال له ابن عباس: أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟ فقال أبو هريرة: يابن أخي، إذا سمعتَ حديثًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا تضرب له مثلًا٣.

التاسع: ومن هذه الوسائل أيضًا عرض الحديث على ما يقول به الصحابة، متى كان الحديث مخالفًا لفتواهم دل ذلك على أن الرسول لم يقله أو أنه منسوخ، ومثاله: قال عبيد بن رفاعة الأنصاري: كنا نجلس في مجلس فيه زيد بن ثابت، فتذاكروا الغسل من الإنزال، فقال زيد: "ما على أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة" فقام رجل من أهل المجلس، فأتى عمر فأخبره بذلك، فقال عمر للرجل: اذهب أنت بنفسك فائتني به، حتى


١ سنن الترمذي "١٧/ ١" أبواب الطهارة "٨" باب ما جاء في النهي عن البول قائمًا - حديث "١٢". وقال أبو عيسى: حديث عائشة أحسن شيء في الباب وأصح، سنن النسائي "١/ ٢٦" "١" كتاب الطهارة "٢٥" باب البول في البيت جالسًا - حديث "٢٩" سنن ابن ماجه "١/ ١١٢" "١" كتاب الطهارة "١٤" في البول قاعدًا - حديث "٣٠٧".
٢ الإجابة "ص١٦٦".
٣ سنن الترمذي "١/ ١١٤، ١١٥" أبواب الطهارة "٥٨" باب ما جاء في الوضوء مما غيرت النار - حديث "٧٩". قال أبو عيسى: وفي الباب عن أم حبيبة، وأم سلمة، وزيد بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي أيوب، وأبي موسى، وقد رأى بعض أهل العلم الوضوء مما غيرت النار، وأكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين من بعدهم على ترك الوضوء مما غيرت النار، و"الأقط": لبن مجفف يابس، كأنه نوع من الجبن، و"الثور": القطعة منه، و"الحميم": الماء الحار.

<<  <   >  >>