للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وتقول مع الواو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن١؛ بالرفع" على الاستئناف؛ "إذا نهيته عن الأول فقط" وأبحت له الثاني، فكأنك قلت: لا تأكل السمك ولك شرب٢ اللبن. "فلإن قدرت النهي عن الجمع" بينهما، "نصبت" على إرادة المعية، وكأنك قلت: لا تأكل السمك مع شرب٣ اللبن، "أو" قدرت النهي "عن كل منهما" على حدته. "جزمت" على العطف، وكأنك قلت: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن.

والفرق بين النصب والجزم في حالتي العطف أنه في النصب من عطف مصدر مؤول من "أن" والفعل، على مصدر متصيد من الفعل السابق لئلا يلزم عطف المصدر على الفعل. وفي الجزم من عطف الفعل على الفعل.

"وإذا سقطت الفاء" من المضارع الواقع "بعد الطلب" المحض "وقصد" بالفعل الذي سقطت منه الفاء، "معنى الجزاء" للطلب السابق عليه، "جزم الفعل"، والمراد بقصد الجزاء أنك تقدره مسببًا عن ذلك الطلب المتقدم، كما أن جزاء الشرط مسبب٤ عن فعل الشرط.

واختلف في تحقيق جازمه، فالجمهور يجعلونه "جوابًا لشرط مقدر"، فيكون مجزومًا عندهم٥ بأداة شرط مقدرة هي وفعل الشرط "لا" جوابًا "للطلب" المتقدم، فيكون مجزومًا بنفس الطلب، وهو قول الخليل وسيبويه٦ والسيرافي٧ والفارسي٨.

ثم اختلفوا في علته، فقال الخليل وسيبويه٦: إنما جزم الطلب "لتضمنه معنى" حرف "الشرط"، كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك، وقال الفارسي والسيرافي: لنيابته مناقب الجازم الذي هو حرف الشرط المقدر، كما أن النصب بضربًا، في قولك: ضربًا زيدًا، لنيابته عن اضرب، لا لتضمنه معناه. " خلافًا لزاعمي ذلك".


١ انظر الارتشاف ٢/ ٤٥١، والإنصاف ٢/ ٤١٥، وشرح شذور الذهب ص٣١٢، وشرح ابن عقيل ٢/ ٣٥٥، وشرح قطر الندى ص٧٩، وشرح المفصل ٧/ ٣٤، وشرح ابن الناظم ص٤٨٦.
٢ في "ب": "مع شربك".
٣ في "ب": "شرب".
٤ في "ب": "سبب".
٥ سقطت من "ب".
٦ الكتاب ٣/ ٦٢.
٧ شرح كتاب سيبويه ١/ ٨٨.
٨ المسائل المنثورة ص١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>