للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهب الجمهور أرجح، لأن الحذف والتضمين وإن اشتركا في أنهما خلاف الأصل لكن في التضمين تغيير معنى الأصل، ولا كذلك الحذف. ولأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط، ولأن الأرجح في: ضربا زيدًا، أن زيدًا منصوب بالفعل المحذوف لا بالمصدر لعدم حلوله محل فعل مقرون بحرف مصدري، وذلك "نحو: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ} [الأنعام: ١٥١] تقدم الطلب وهو "تعالوا" وتأخر المضارع المجرد من الفاء وهو "أتل" وقصد به الجزاء١ فجزم بحرف شرط مقدر. والتقدير: تعالوا إن تأتوني، أتل عليكم فالتلاوة عليهم مسببة عن مجيئهم. وعلامة جزمه حذف الواو.

ومثله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ} [مريم: ٢٥] فإنه مجزوم باتفاق السبعة. بخلاف {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: ١٠٣] , [وإنما أريد: خذ منهم صدقة مطهرة لهم] ٢. فـ"تطهرهم": مرفوع باتفاق السبعة، وإن كان مسبوقًا بالطلب، وهو: خذ، لكونه ليس مقصودًا به معنى: أن تأخذ منهم صدقة تطهرهم، وإنما أريد: خذ منهم صدقة مطهرة لهم فتطهرهم، صفة لصدقة، ولو قرئ بالجزم على معنى الجزاء لم يمتنع في القياس.

وبخلاف نحو: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ} [مريم: ٥، ٦] في قراءة الرفع٣ فإنه قدره" مع فاعله جملة في موضع نصب "صفة لـ"وليا" لا جوابًا لـ"هب"، كما قدره من جزم"٤، وقس على ذلك بقية أنواع الطلب، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٦٨٩-

وبعد غير النفي جزما اعتمد ... إن تسقط الفا والجزاء قد قصد

وأما النفي فلا يجزم الفعل في جوابه. فلا يقال: ما تأتينا تحدثنا بجزم "تحدثنا" خلافًا للزجاجي. والكوفيين، ولا سماع معهم ولا قياس لأن الجزم يتوقف على السببية، ولا يكون انتفاء الإتيان سببًا للتحديث.

"وشرط غير الكسائي" من النحويين. "لصحة الجزم بعد النهي، صحة" وقوع "إن لا، في موضعه"، وهو أن تضع موضع النهي شرطًا مقرونًا بـ"لا" النافية,


١ في "ط": "الجزم".
٢ سقط ما المعكوفين من "ب".
٣ وكذا في الرسم المصحفي.
٤ أي: "يرثني ويرث"، وقرأها أو عمرو والكسائي واليزيدي، والشنبوذي والأعمش وطلحة وغيرهم. انظر الإتحاف ص٢٩٧، ومعاني القرآن للفراء ٢/ ١٦١، والنشر ٢/ ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>