للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"و" لا يشترط في الشرط والجزاء أن يكونا من نوع واحد، بل تارة "يكونان مضارعين نحو: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: ١٩] . "و" تارة يكونان "ماضيين نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: ٨] . "و" تارة يكونان مختلفين، "ماضيا فمضارعًا نحو: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: ٢٠] .

وفي الخاطريات لابن جني: قال أبو بكر: إنما حسن لأن الاعتماد في المعنى على خبر "كان"، وهو مضارع، فكأنه قال: ومن يرد نزد، وليس مثل قولك إن آتيتني آتك، قال الموضح: فتتبعت ما ورد به التنزيل من ذلك، فإذا فعل الشرط فيه كلمة "كان".

" تارة يكونان "عكسه"، مضارعًا فماضيًا، "وهو قليل" حتى خصه الجمهور بالشعر، ومذهب الفراء١، ومن تبعه، جوازه في الاختيار. "نحو" قوله -صلى الله عليه وسلم: "من يقم ليلة القدر إيمانا واحتساب غفر له". رواه البخاري٢.

"ومنه: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ" أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: ٤] ، فـ"ظلت": ماض وهو معطوف على الجواب، وهو ننزل، فيكون جوابًا "لأن تابع الجواب جواب.

ورد الناظم" في شرح التسهيل٣ "بهذين" الحديث والآية "ونحوهما، على الأكثرين، إذ خصوا هذا النوع بالضرورة". وقالوا: لأنا إذا أعلمنا الأداة في لفظ الشرط، ثم جئنا بالجواب ماضيًا، كنا قد هيأنا العامل للعمل. ثم قطعناه عنه، وهو غير جائز، وللأكثرين أن يجيبوا عن الحديث بأنه يجوز روايته بالمعنى، فليس نصًّا في الدليل. وعن الآية بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويتحصل من قول الناظم:

٦٩٩-

وماضيين أو مضارعين ... تلفيهما أو متخالفين

تسع صور لأن الشرط له ثلاثة أحوال: فإنه يكون ماضي اللفظ، أو مضارعًا عاريًا من "لم" أو مصحوبًا بها، والجزاء كذلك. وإذا ضربت ثلاثًا في ثلاث، بلغت تسعًا، منها ثمان تجوز في الاختيار اتفاقًا، وواحدة مختلف فيها، وهي أن يكون الشرط مضارعًا والجزاء ماضيًا عاريًا من "لم"، كما في الحديث والآية.


١ معاني القرآن ٢/ ٢٧٦.
٢ أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم ٣٥، وأعاده في الصوم برقم ١٨٠٢، ١٩٠١.
٣ شرح التسهيل ٤/ ٩١، ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>