للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"و" هذه الكلمات "كل منهن يقتضي فعلين، يسمى أولهما شرطًا" لتعليق الحكم عليه، "و" يسمى "ثانيهما جوابًا" لأنه مرتب على الشرط كما يرتب الجواب على السؤال. "وجزاء" لأن مضمونه جزاء لمضمون الشرط. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٦٨٩-

فعلين يقتضين شرط قدما ... يتلو الجزاء وجوابًا وسما

وفهم من قوله: "وجازم لفعلين"، أن أداة الشرط جازمة لهما معًا. وهو مذهب الجمهور من البصريين١ واختاره ابن عصفور٢ والأبدي.

واعترض بأن الجازم كالجار، فلا يعمل في شيئين، وبأنه ليس لنا ما يتعدد عمله إلا ويختلف كرفع ونصب. ويجاب بالفرق بأن الجازم لما كان لتعليق حكم على آخر عمل فيهما، بخلاف الجار، وبأن تعدد العمل قد عهد من غير اختلاف، كمفعولي "ظن"، ومفاعيل أعلم.

وقيل: الشرط مجزوم بالأداة، والجواب مجزوم بالشرط، كما أن المبتدأ مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالمبتدأ، ونسب إلى الأخفش، واختاره في التسهيل٣.

وقيل: الشرط والجواب تجازما، كما قال الكوفيون في المبتدأ والخبر أنهما ترافقا، وهذا نقله ابن جني عن الأخفش٤.

وقيل: الأداة والشرط كلاهما جزم الجواب، كما قيل الابتداء والمبتدأ كلاهما رفع الخبر، ونسب هذا القول لـ: سيبويه والخليل٥، ورد بأن العامل المركب لا يحذف أحد جزأيه ويبقى الآخر، وفعل الشرط قد يحذف، وبأن العامل المركب لا يفصل بين جزأيه، وقد جاء الفصل، نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: ٦] وأجيب بأن فعل الشرط هو المحذوف، وهذا مفسر له.

وقيل: الجواب مجزوم بالجوار، قاله الكوفيون قياسًا للجزم على الجر٦، ورد بأنه قد يكون بينهما معمولات فاصلة فلا تجاور.


١ انظر الإنصاف ٢/ ٦٠٢، والمسألة رقم ٨٤.
٢ المقرب ١/ ٢٧٣.
٣ التسهيل ص٢٣٧.
٤ الخصائص ١/ ١٨.
٥ الكتاب ٣/ ٦٢.
٦ الارتشاف ٢/ ٥٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>