للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"والمعنى: وأما الراسخون" في العلم "فيقولون": آمنا به "وذلك" مبني "على أن المراد بالمتشابه" بالقرآن "ما استأثر الله تعالى بعلمه"، أي اختص به فلا يشاركه فيه غيره، ولا طريق لمخلوق إلى معرفته إلا بتوفيق منه سبحانه وتعالى. وهذا التقدير الذي قدره الموضح في هذه الآية هو [أحد] ١ أدلة الحشوية على جواز الخطاب بالمهمل. وتقرير٢ الدليل منه أنهم قالوا: الوقف على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: ٧] واجب حتى يكون٣ قوله: {وَالرَّاسِخُونَ} [آل عمران: ٧] كلامًا مستأنفا.

إذ لو لم يقف عليه، بل وقف على قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] حتى يكون عطفا على٤ قوله: {إِلَّا اللَّهُ} فإذا ابتدئ بقوله {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} كان المراد به: قائلين آمنا، فيكون حالا، وهو باطل لأنه لا يخلو إما أن يكون حالا عن الله وعن الراسخين، في العلم، حتى كأن الله تعالى والراسخين في العلم قالوا: آمنا به كل من عند ربنا. وذلك في حق الله تعالى محال. أو يكون حالا عن الراسخين [في العلم] ٥ فقط، وحينئذ يتخصص المعطوف بالحال دون المعطوف عليه.

وهو أيضًا غير جائز لأنه مناف للقاعدة المقررة في العربية: أن المعطوف في حكم المعطوف عليه. فثبت أن الوقف على قوله تعالى: {إِلَّا اللَّهُ} وأجب، وإذا كان الوقف عليه واجبا فقد خاطبنا الله٦ بما لا نفهمه. وهو المهمل. وأجيب عنه بأنه يجوز تخصيص المعطوف بالحال حيث لا لبس، كقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: ٧٢] ، فإن نافلة حال من المعطوف فقط وهو يعقوب. لأن النافلة ولد الولد، وإنما هو يعقوب دون إسحاق. قال العكبري٧.

"ومن تخلف التفصيل قولك: أما زيد فمنطلق". هذا هو المنقول، وبحث فيه الموضح في الحواشي فقال: والظاهر أن: أما زيد فمنطلق، لا يقال إلا إذا وقع تردد في شخصين نسبا أو أحدهما إلى ذلك، فهو على هذا للتفصيل أي: وأما غيره فهو ليس كذلك. انتهى.


١ إضافة من "ط".
٢ في "أ": "تقدير".
٣ بعده في "ط": "عطفًا على".
٤ سقط من "ط": "عطفًا على".
٥ إضافة من "ب"، "ط".
٦ سقط من "ب".
٧ التبيان ٢/ ٩٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>