للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأما" المعنى "الثاني" وهو التوكيد، "فذكره الزمخشري فقال: أما حرف يعطي الكلام فضل" بالمعجمة، أي زيادة "توكيد، تقول: زيد ذاهب فإذا قصدت" توكيد ذلك و"أنه لا محالة ذاهب". وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة، "قلت: أما زيد فذاهب" انتهى.

"وزعم أن ذلك" التوكيد "مستخرج من كلام سيبويه" حيث فسر "أما" بمهما يكن من شيء١. قال الزمخشري: وهذا التفسير مدل بفائدتين: كونه توكيدًا، وأنه في معنى الشرط. انتهى. وقال الطيبي ما معناه وتحريره٢: مهما قدر من الموانع والحوادث، فإنه لا يمنع زيدًا من الذهاب فإنه بصدد الذهاب لا محالة. انتهى.

"وهي نائبة عن أداة شرط وجملته"، وموضعها صالح لهما، وهي قائمة مقامها لتضمنها معنى الشرط، وليست أما بمعنى: مهما، وشرطها لأنها حرف والحرف لا يصلح أن يكون بمعنى اسم وفعل، قاله المرادي٣. "ولهذا" المذكور من النيابة "نؤول بمهما يكن من شيء" كما يؤخذ من تفسير سيبويه السابق.

قال الموضح في الحواشي: فشيء في كلام سيبويه عام يراد به خاص، وكان تامة. والمعنى: مهما يوجد شيء من موانع مصدر جوابها فجوابها ثابت للمسند إليه. فما ظنك إذا انتفت الموانع؟ وإنما عمم سيبويه العبارة لأنه لا يمكنه ذكر حدث خاص لأنه لم يفسرها باعتبار كلام معين. بل فسرها بما يشمل جميع مواردها، ويتلخص أنها تفيد ثلاثة أمور.

أحدها: التوكيد، إذ معنى قولك: أما زيد فمنطلق، أنه منطلق لا محالة، وهذا لا يعطيه الكلام بدونها.

والثاني: معنى الشرط، إذ المراد، مهما قدر مانع من انطلاقه، فانطلاقه واقع، ومن هنا كان الانطلاق واقعًا لا محالة.

والثالث: معنى التفصيل، وهذا لا يشعر به، مهما، ولهذا لا يكاد يعثر عليها إلا مردفة بأخرى مثلها معطوفة عليها، وقد تخلو٤ من هذا بدليل قولهم: أما العسل فأنا شراب، وأما حقا فإنك ذاهب، حكاهما سيبويه٥. انتهى.


١ الكتاب ٤/ ٢٣٥.
٢ في "ب": "تجريده".
٣ شرح المرادي ٢/ ٢٨٥.
٤ في "أ": "يخلو".
٥ الكتاب ١/ ١١١، ٣/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>