للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكون "أما" تقدر بهما هو قول الجمهور. وقال بعضهم: إذا قلت: أما زيد فمنطلق، فالأصل إن أردت معرفة حال زيد، فزيد منطلق حذفت أداة الشرط وفعل الشرط وأنيبت "أما" مناب ذلك. وعلى القولين لا بد لـ"أما" من جملة، "ولا بد" لها "من فاء تالية لتاليها"، نحو: أما زيد فمنطلق، والأصل أن يقال: أما فزيد منطلق، فتجعل الفاء في صدر الجواب كما هي مع غير "أما" من أدوات الشرط. ولكن خولف هذا الأصل مع "أما" فرارًا من قبحه لكونه في صورة معطوف بلا معطوف عليه. ففصلوا بين "أما والفاء بجزء من الجواب. وهو واحد من ستة أمور:

أحدها: المبتدأ، كما مثلنا.

والثاني: الخبر نحو: أما في الدار فزيد.

والثالث: جملة شرط دون جوابه، نحو: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ} [الواقعة: ٨٨، ٨٩] .

والرابع: اسم منصوب لفظا ومحلا نحو: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١٠، ١١] .

والخامس: اسم منصوب بمحذوف يفسره ما بعد الفاء نحو: أما زيدًا فاضربه.

والسادس: ظرف نحو: أما اليوم فأضرب زيدًا. وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

٧١٢-

أما كمهما يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبا ألفا

"إلا إن دخلت" الفاء "على قول قد طرح"، أي حذف، "استغناء عنه أي عن القول: "بالمقول، فيجب حذفها معه" للاستغناء عنهما بالمقول، "كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ " بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: ١٠٦] ، فـ"أكفرتم": مقول لقول محذوف. والقول ومقوله جواب أما "أي: فيقال لهم: أكفرتم. ولا تحذف" الفاء "في غير ذلك إلا في ضرورة، كقوله": [من الطويل]

٨٦٦-

فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرا في عراض المواكب


٨٦٦- البيت للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص٤٥، والأغاني ١/ ٣٨، وخزانة الأدب ١/ ٤٥٢، والدرر ٢/ ٢٠٧ وبلا نسبة في أسرار العربية ص١٠٦، والأشباه والنظائر ٢/ ١٥٣، وأوضح المسالك ٤/ ٢٣٤، والجنى الداني ص٥٢٤، وسر صناعة الإعراب ص٢٦٥، وشرح ابن الناظم ص٥٠٩، وشرح شواهد الإيضاح ص١٠٧، وشرح شواهد المغني ص١٧٧، وشرح ابن عقيل ٢/ ٣٩١، وشرح المفصل ٧/ ١٣٤، ٩/ ٤١٢، والمنصف ٣/ ١١٨، ومغني اللبيب ص٥٦، والمقاصد النحوية ١/ ٥٧٧، ٤/ ٤٧٤، والمقتضب ٢/ ٧١، وهمع الهوامع ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>