للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"بخلاف" ما إذا كان معه قرينة لفظية أو معنوية. فالأول نحو: "رجل صالح حاضر"، فإن القرينة اللفظية وهي الصفة قاضية على النكرة الموصوفة بالابتدائية تقدمت أو تأخرت. والثاني نحو: "أبو يوسف أبو حنيفة"، فإن القرينة المعنوية وهي التشبيه الحقيقي قاضية بأن "أبو يوسف" مبتدأ؛ لأنه مشبه، و"أبو حنيفة" خبره؛ لأنه مشبه به تقدم أو تأخر، "وقوله: [من الطويل]

١٤٤-

بنونا بنو أبنائنا" وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد

فإن قرينة التشببيه الحقيقي قاضية بأن بني الأبناء مشبهون بالأبناء، فـ"بنو أبنائنا" مبتدأ مؤخر، و"بنونا" خبر مقدم، "والمعنى: بنو أبنائنا مثل بنينا"، هذا على حقيقة التشبيه، ويضعف أن يكون على عكس التشبيه للمبالغة؛ لأن ذلك نادر الوقوع، ومخالف للأصول، اللهم إلا أن يقتضي المقام المبالغة فلا شاهد فيه حينئذ. و"بناتنا" مبتدأ أول، و"بنوهن" مبتدأ ثان، و"أبناء الرجال" خبر الثاني١، وهو وخبره خبر الأول، و"الأباعد" نعت "الرجال".

المسألة "الثانية": مما يجب فيه تأخير الخبر "أن يخاف التباس المبتدأ بالفاعل" إذا تقدم الخبر وكان فعلا مسندا إلى ضمير المبتدأ المستتر، "نحو: زيد قام"، أو يقوم، فلو قدم والحالة هذه، وقيل: "قام أو يقوم زيد" لالتبس المبتدأ بالفاعل، "بخلاف" ما إذا كان الخبر صفة، نحو: "زيد قائم، أو" كان فعلا رافعا لظاهر أو لضمير بارز، فالأول نحو: زيد "قام أبوه"، والثاني نحو: "أخواك قاما" على اللغة الفصحى، فلا لبس فيهن، فيجوز تقديمه٢، فتقول: قائم زيد، وقام أبوه زيد، وقاما أخواك، وهذا التقييد لا بد منه في قول الناظم:

١٣٠-

كذا إذا ما الفعل كان الخبرا ... ...................................


١٤٤- البيت للفرزدق في خزانة الأدب ١/ ٤٤٤، وبلا نسبة في ارتشاف الضرب ٢/ ٤١، والإنصاف ١/ ٦٦، وأوضح المسالك ١/ ١٠٦، وتخليص الشواهد ١٩٨، والحيوان ١/ ٢٣٠، والدرر ١/ ١٩٣، وشرح ابن الناظم ص٨٢، وشرح الأشموني ١/ ٩٩، وشرح التسهيل ١/ ٢٠٦، وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٤٨، وشرح ابن عقيل ١/ ٢٣٣، وشرح المفصل ١/ ٩٩، ٩/ ١٣٢، ومغني اللبيب ٢/ ٤٥٢، وهمع الهوامع ١/ ١٠٢.
١ في "ط": "خبر المبتدأ الثاني".
٢ في الارتشاف ٢/ ٤١: "الإجازة مذهب الأخفش والمبرد، أما من منع فهم باقي البصريين". وانظر شرح ابن عقيل ١/ ٢٣٥، وشرح ابن الناظم ص٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>