ذات الشيء فهو عينه، لكنه لم يشتهر بهذا المعنى, قال الإمام الرازي: إنا لم نجد شيئا معتدا به في النزاع أن الاسم هل هو عين المسمى أو غيره هو. والله: علم على الذات المعبود بالحق. وقيل: وهو وصف مشتق من الإله١. وقيل: أصله لاها بالسريانية، فعرب بحذف الألف الأخيرة؛ وإدخال الألف واللام عليه، وتفخيم لامه إذا انفتح ما قبله وانضم. و"الرحمن": فعلان من رحم؛ بالكسر؛ كغضبان من غضب؛ صفة مشبهة؛ لكن بعد النقل إلى فعل بضم العين؛ أو بعد تنزيل الفعل المتعدي منزلة الفعل اللازم، كما في قولك: فلان يعطي؛ لأن الصفة المشبهة لا تصاغ من متعد، وقيل علم، و"الرحيم": فعيل من رحم أيضا، كمريض من مرض، لكن في الرحمن من المبالغة ما ليست في الرحيم، واشتقاقهما من الرحمة، وهي هنا مجاز عن الإنعام. قال الإمام الرازي: إذا وصف الله تعالى بأمر ولم يصح وصفه به يحمل على غاية ذلك وملاءمته، وهذه قاعدة في كل مقام.
"الحمد لله": الحمد لغة: الوصف بالجميل الاختياري على قصد التعظيم، والوصف لا يكون إلا باللسان، فيكون مورده خاصا، وهذا الوصف يجوز أن يكون بإزاء نعمة وغيرها، فيكون متلقه عاما. والشكر على العكس؛ لكونه لغة فعلا ينبئ عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الشاكر، فيكون مورده اللسان والجنان، ومتعلقه النعمة الواصلة إلى الشاكر، فكل منهما أعم وأخص من الآخر بوجه، ففي الفضائل حمد فقط، وفي أفعال القلب والجوارح شكر فقط، وفي فعل اللسان بإزاء الإنعام حمد وشكر، والحمد؛ عرفا؛ فعل يشعر بتعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غيره، والشكر؛ عرفا؛ صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله له. فالشكر أخص مطلقا لاختصاص تعلقه بالباري تعالى ولتقييده بكون المنعم منعما على الشاكر فقط، ولوجوب شمول الآلات فيه بخلاف الحمد.
واعلم أن صرف العبد الجميع واحد اعتبارا كالشكر؛ وإن كان أفعالا حقيقة فيصدق عليه الحمد العرفي، فحصل من ذلك ستة أقسام، حمدان لغوي وعرفي، وشكران كذلك، وحمد وشكر لغويان، وحمد وشكر عرفيان، وحمد لغوي وشكر عرفي، وحمد عرفي وشكر لغوي، ويتبين لك بأدنى توجه أن النسبة بين الحمدين وبين الحمد اللغوي والشكر اللغوي عموم وخصوص من وجه، وبين الشكرين وبين الحمد والشكر العرفيين، وبين الحمد اللغوي والشكر العرفي عموم مطلق، وبين الحمد العرفي والشكر اللغوي تساو.