للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يمتنع أيضًا في البيت أن تكون "كان" تامة على حذف مضاف تقديره: "وجدت جيرتهم" ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه فقال: "كانوا" والجملة صفة. ا. هـ. كلام المرادي.

والحاصل على القول بزيادة "كان" في البيت قولان في الإعمال والإهمال، وفي كل واحد منهما قولان. فعلى الإهمال قيل: الأصل: هم لنا، ثم وصل الضمير بـ"كان" الزائدة إصلاحًا للفظ، لئلا يقع الضمير المرفوع المنفصل إلى جانب الفعل.

وقيل: بل الضمير توكيد للمستتر في "لنا" على أن "لنا" صفة لـ"جيران"، ثم وصل لما ذكر. وعلى الإعمال قيل: إن الضمير معمول لـ"كان" بالحقيقة على أنها ناقصة، و"لنا" خبرها. وقيل: تامة, وإنها تعمل في الفاعل، كما يعمل فيه العامل الملغى نحو: زيد ظننت عالم، هذا ما في المغني مرتبًا١. "ومنها"، أي: من الأمور المختصة بها "كان" "أنها تحذف ويقع ذلك" الحذف "على أربعة أوجه:

أحدها؛ وهو الأكثر؛ أن تحذف مع اسمها" ضميرًا كان أو ظاهرًا، "ويبقى الخير" دالا عليهما، ويكثر "ويكثر، "وكثر ذلك بعد "إن" و"لو" الشرطيتين"؛ لأنهما من الأدوات الطالبة لفعلين، فيطول الكلام، فيخفف بالحذف. وخص ذلك بـ"إن" و"لو" دون بقية أدوات الشرط؛ لأن "إن" أم أدوات الشرط الجازمة. و"لو" أم أدوات الشرط غير الجازمة، كما أن "كان" أم بابها، وهم يتسعون في الأمهات ما لا يتسعون في غيرها، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:

١٥٥-

ويحذفونها ويبقون الخبر ... وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر

"مثال "إن"" والغالب فيها أن تكون تنويعية. "قولك: سر مسرعًا إن راكبًا وإن ماشيًا" أي: إن كانت راكبًا وإن كنت ماشيًا، "وقوله": [من الكامل]

١٧٨-

لا تقربن الدهر آل مطرف ... "إن ظالمًا أبدًا وإن مظلومًا"

أي: إن كنت ظالمًا وإن كنت مظلوما، وقال أبو حيان: يمكن أن لا يكونا من إضمار "كان" وإنما انتصبا على الحال، و"إن" بقية "أما". وهذا البيت قالته ليلى الأخيلية.

"وقولهم: الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وأن شرا فشر٢"،


١ مغني اللبيب ١/ ٢٨٨.
١٧٨- البيت لليلى الأخيلية في ديوانها ص١٠٩، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٣٤٥، ولليلى أو لحميد بن ثور في الدرر ١/ ١٣١، ولحميد بن ثوب في ديوانه ص١٣٠.
٢ ورد هذا القول في الكتاب ١/ ٢٥٨، وأوضح المسالك ١/ ٢٦١، والدرر ١/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>